.مبدأ صحة الشرط التغريمي
أ.أساس المبدأ
عدم مشروعية الشرط التغريمي تعود لمخالفة روح التشريع الإسلامي لكن في القانون التونسي ليس حجة معتبرة وإن استلهم أحكامه من الفقه الاسلامي إلا أنه يبقى قانونا وضعيا غير مطالب بالاستجابة لكل تفصيل في الفقه الاسلامي.
الفقه أقر في عدة مناسبات مشروعية الشرط التغريمي بناء على الحرية
التعاقدية وإستنادا لمبدأ القوة الملزمة للعقد فيجوز للمتعاقدين تضمين ما شاءوا من
شروط ما لم تكن مخالفة للنظام العام والأخلاق الحميدة.
ب.نطاق المبدأ
يرى فقه القضاء والفقهاء أنه ينبغي تحيد صحة الشرط التغريمي مما
يستدعي التمييز بين الشرط ذي الطابع الجزائي التهديدي والشرط ذي الطابع التعويضي
والشرط ذي الطابع المزدوج.
الشرط ذي الطابع الجزائي التهديدي:
يتمثل في حث الدائن على الوفاء وعدم التهاون لكن يرى الشراح لا يسوغ قبوله
لان العقاب إن كان مالي يبقى من مشمولات السلطة والدولة تحتكره وفكرة العقاب تقترن
بدرجة الخطأ والحال أن الشرط الغريمي لا يقوم على فكرة التدرج للحطأ في جانب
المدين بل تعويض على الضرر المقدر مسبقا.
الشرط ذي الطابع التعويضي: الغاية منه تعويض الضرر الحاصل للدائن من
إخلال مدينه بالتنفيذ وأساس التعويض في الشرط التغريمي ليس الخطأ في جانب المدين
وليس إثبات الضرر من المدين بل هو مجرد الاخلال بالتنفيذ.
هذا الاساس يلتقي مع المسؤولية العقدية على التعويض بمجرد الإخلال
بالالتزام.
الشرط التغريمي ذي الطبيعة المزدوجة: يرى الفقهاء انه يجوز سواء كان
محكوم بفكرة العقاب أو بفكرة التعويض ولا شيء من القانون يمنع اعتباره عقابا خاصا
بناء على الحرية التعاقدية.
إذن الشرط التغريمي جائز إذا كانت غايته العقاب أو التعويض أو الاثنين
في نفس الوقت بشرط ان لا يخالف النظام العام والأخلاق الحميدة
2.الرقابة القضائية على الشرط التغريمي
أ.منع الرقابة القضائية
صدر قرار بتاريخ 28/04/1975 يمنع التدخل القضائي لمراجعة الشرط
التغريمي والخلاف بين الطاعن بالتعقيب ومحكمة القرار المطعون فيه تمحور كون محكمة
الموضوع أجازت لنفسها تعديل الشرط التغريمي وهو ما لم يرتضيه الطاعن فساندت محكمة
القانون القرار موقف المعقب وبينت أنه لا يجوز للقاضي الاجتهاد في تعديل الشرط
التغريمي وان كان فاحشا لانه خاضع للحرية التعاقدية ولمبدأ القوة الملزمة للعقد
وبما أن هذا الشرط لا يخالف النظام والأخلاق الحميدة وليس مجحف لاطلراف ليس
للمحكمة ان تتدخل بالزيادة او التخفيض في المبلغ المتفق عليه.
ب.التحول نحو جواز الرقابة القضائية
صدر قرار في 28/04/1994 مكن من تعديل الشرط التغريمي أو حتى إلغائه
كليا.
تاسس هذا القرار على فكرتين: الفكرة الاولى تتمثل في امكانية تعديل
الشرط التغريمي على اساس الفصل 278 م.ا.ع أي تقدير الخسارة امر راجع لحكمة القاضي
لكن الفقهاء يلاحظون ان هذا الاساس غير قويم لان الفصل 278م.ا.ع هو التعويض
القضائي وليس التعويض الاتفاقي بمقتضى الشرط التغريمي وانه لا يمكن سحب التقدير
القضائي في التعويض الذي تحكم به المحكمة على التعويض الاتفاقي.
أما الفكرة الثانية تتمثل في إمكانية تعديل الشرط التغريمي بناء على
الانصاف والعدالة لكن فكرة الانصاف فضفاضة لان الانصاف من المبادئ العامة للقانون
الا انه قد يكون مدخلا لتقاعس المدين عن تنفيذ التزامه لأنه سيعول على حماية
القاضي.
وفيما يخص الغاء الشرط التغريمي فان المصطلح الاصح هو البطلان ويظهر
أنه بطلان نسبي لانه متعلق بالمصلحة الخاصة للخصوم ولا يمكن ان يكون بطلانا مطلقا
لكون الشرط لا يخالف القانون ولا النظام العام ولا الأخلاق الحميدة.
هذا القرار لم يكن تأسيسه متينا لذلك الاشكالات المرتبطة بالشرط
التغريمي تبقى مطروحة مما يستدعي تدخل المشرع لتنظيم هذه المسالة نظرا لان
المنظومة القانونية التونسية تقوم على التشريع المكتوب وتهمش القاعدة القضائية.
إرسال تعليق