المراجع المعتمدة:مجلة الالتزمات والعقود
العقود المسماة:الأستاذ خليفة الخروبي
يعرف الفصل 1104 م إ ع الوكالة بأنها " عقد يكلف به شخص شخصا آخر بإجراء عمل جائزفي حق المنوب و قد يتعلق بالتوكيل أيضا حق الموكل والوكيل أو حق الموكل والغير أو حق الغيرفقط "
النيابة في التعاقد هي " نظام قانوني مؤداه حلول إرادة شخص معين يسمى النائب محل إرادة شخص آخر هو الأصيل في إنشاء تصرف قانوني تنصرف أثاره إلى الأصيل الى النائب "
الجـــــــزء الأول : قيام الوكالة :
الفصل الأول : شروط صحة التعاقد بالوكالة :
الشروط المتصلة بذات المتعاقدين :
تتمحور الشروط المتصلة بذات المتعاقدين حول ركن التراضي كأساس للتعاقد بالوكالة
وركن الأهلية كشرط لسالمة التعاقد بالوكالة .
الرضا أساس التعاقد بالوكالة :
إذا كان العقد في حالة الوكالة لا يتكون إلا بتلاقي إرادة الوكيل من جهة وإرادة المعاقد الآخر من جهة أخرى فإن ذلك لا يجب أن يحجب عنا أن الوكالة في الأصل عقد رضائي لا ينعقد بإرادة منفردة بل بالإيجاب والقبول حسبما مقتضيات الفصل 1109 م إ ع والذي اقتضى أن التعبير عن الرضا في الوكالة يتم إ ّما صراحة وإما بالدلالة .
الأهلية شرط لسلامة التعاقد بالوكالة :
لئن كان وجوب توفر أهلية " الإلزام للالتزام " في الغير المتعاقد مع الوكيل شرط الخصوصية فيه لكونه يخضع لألحكام العامة للأهلية فإن المشرع خص الوكيل والموكل بفصل مستقل وميز أهلية الموكل أهلية كاملة عن أهلية الوكيل أهلية مقيدة .
الشروط المتصلة بمضمون العقد :
المحل :
الوكالة موضوعها تصرف قانوني وهذا التصرف يجب أن تتوفر فيه الشروط التي حددها الفصل1107 م إ ع الذي نص على وجوب أن يكون التصرف ممكنا ومعينا وعلى وجوب
أن يكون جائزا.
السبب :
على الرغم من أن المشرع التونسي لم يحدد أحكاما خاصة للسبب في مادة الوكالة فإن ذلك لا ينفيأهمية السبب كركن أساسي في صحة الوكالة ضرورة أن كل التزام يجب أن يكون قائما على سبب يبرره وهو ما يستدعي منا الرجوع على أحكام السبب كيفما نظمتها مجلة االلتزامات والعقود لذا فإن السبب في الوكالة يجب أن يكون جائزا وثابتا.
الفصـل الثـانــي: حدود التعاقد بالوكالــة :
إن العقد المبرم بمقتضى الوكالة وإن كان يقوم ويرتكز أساسا على مبدأ الحرية التعاقدية فإن ذلك لا يعني أن الوكالة في حد ذاتها ال تقيدها ضوابط قانونية وأخرى اختيارية.
لقد أورد المشرع في مادة الوكالة قيودا خاصة لا يمكن لأطراف أن تتفق على خالفها فمنها ما هو متصل بشكل الوكالة ومنها ما هو متصل بنوعها.
القيود الواردة على الشكـل :
لئن خص المشرع في بعض الحالات للوكالة بصيغة مخصوصة فاشترط في بعض الصور تحرير كتب وفي صور أخرى اشترط حجة.
بقدر ما يمكن اعتبار الشكلية استثناءا لمبدأ الرضائية فإن اشتراطها في بعض صور الوكالة يمثل بتوفرها في الحقيقة قيدا على إرادة الأطراف فمهما كانت هذه الشكلية فإن الوكالة لا تصح إلا بتوفرها وقيامها حسب الصيغة والطريقة التي حددها القانون .
فقد اشترط المشرع بالنسبة لبعض عقود الوكالة تحرير كتب من ذلك مثال كاتب التأمين وهم الشخص المكلف بمقتضى التوكيل بإبرام عقود التأمين باسم مؤسسة تأمين ولحسابها كما اشترط المشرع الكتب بالنسبة للوكيل العقاري.
ولم يتردد المشرع في اشتراط الحجة العادلة في حالات أخرى ومن بينها التوكيل في الزواج فالثابت أنه يجوز إعطاء الوكالة من الزوج أو الزوجة طبقا للفصل 9 م أ ش ويجب أن يحرر التوكيل بحجة رسمية ويتضمن صراحة تعيين الزوجين وإلا عدّ باطال وهناك شرط إضافي ورد بالقانون المتعلق بنظام الإشتراك في الأملاك المؤرخ في 09 نوفمبر 1998 وهو أن يتضمن التوكيل صراحة رأي الوكيل في مسألة الإشتراك في الملكية من عدمه .
القيود الواردة على النوع :
مهما كان مجال التعاقد بالوكالة واسعا فإن الأطراف لا يمكن أن تتعاقد إلا ثنين: في إطار صنفين الوكالة العامة أو الوكالة الخاصة .
الوكالة العامة :
عرفها الفصل 1119 م إ ع " إطلاق يد الوكيل في جميع أمور موكله أو التفويض له في أمر خاص " فالتوكيل حسب هذا التعريف إما ذلك الذي يمنح الوكيل صالحية غير مقيدة في إدارة كل مصالح الموكل أو ذلك الذي يمنحه صالحيات عامة غير مقيدة في أمر خاص ومثال ذلك أن مالك العقار يفوض النظر للوكيل في أمر بيعه أو كرائه أو المعاوضة به .
غير أن الوكالة العامة لا تخول للوكيل المفوض أن يقوم بعديد الأعمال والتصرفات بدون نص صريح وهذه الأعمال التي تستوجب توكيلا خاص هي توجيه اليمين الحاسمة والإقرار لدى القضاء والدفاع أمام القضاء في أصل الدعوى وقبول الحكم والتنازل عنه وإجراء الصلح وقبول التوكيل والإبراء من الدين والتفويت في العقار أو رهنه والتبرع وبيع محل التجارة.
والجدير بالاشارة أن جميع هذه الأعمال أوردها المشرع بالفصل 1120 م إ ع على سبيل الحصر وهي الإعمال التي اصطلح على تسميتها الفقهاء " بأعمال التصرف " .
الوكالة الخاصة :
عرف المشرع الوكالة الخاصة بأنها تلك التي تتعلق بنازلة أو نوازل مخصوصة أو التي تقتصر على مأمورية مخصوصة أي معينة ومن أمثلة الوكالة الخاصة التوكيل على الزواج أو التوكيل على بيع عقار.
ومن أهم ما يميز الوكالة الخاصة أنها لا تخول للوكيل إلى القدرة على مباشرة الأمور المحددة فيها وما تقتضيه هذه الأمور من توابع ضرورية وفقا لطبيعة كل أمر وللعرف الجاري ويستخلص من ذلك أنه لا يمكن التوسع في تفسير التوكيل الخاص بل يجب تفسيره بدقة وبصورة ضيقة فالتوكيل بإبرام تصرف معين لا يشمل القيام بدعوى حول صحة التصرف والتوكيل بالبيع لا يشمل الإقتراض باسم الموكل .
غير أن عدم التوسع في تفسير الوكالة الخاصة لا يتعارض مع وجود نوع من الأعمال الغير معينة في العقد ولكنها مشمولة بالوكالة وذلك إذا كانت من التوابع الضرورية بحسب العرف ونوع العمل حسبما اقتضاه الفصل 1117 م إ ع فالوكالة في البيع تشمل تسليم المبيع والوكالة في الإيجار تشمل تسليم العين المؤجرة والوكالة في الشراء تفترض تسلم العين المشتراة .
ولكن الشيء الثابت وأن الأطراف متى تقيدت بجملة الضوابط التي حددها المشرع يمكن لها أن تتفق لسبب أو لآخر على وضع ضوابط أخرى تجد مصدرها في إرادة الشخصية.
الجزء الثانـــي : أثار عقد الوكالة :
الفصل الأول : في علاقة الوكيل بالموكل :
التزامات الوكيل تجاه الموكل
الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة في غاية الإعتناء مع تمام الأمانة دون أن يتجاوز حدودها المرسومة غير أن تنفيذ الوكالة وإن كانت لا تثير أي صعوبة من هذه الناحية فإن الأمر يختلف في حالات محددة كتعدد الوكالاء وجود نائب وكيل لتعلقها بأحكام خاصة .
كيفية التنفيــذ :
إن تنفيذ الوكالة على أحسن وجه يقتضي من الوكيل أن يبذل العناية الكافية في تنفيذها فعليه القيام بما وكل عليه بغاية الإعتناء والتثبت كما ورد في الفصل 1131 م إ ع وهو مسؤول بالخسارة الناشئة للموكل بسبب تقصيره .
ويعد مسؤلا كذلك إذا خالف التعليمات الصادرة له من موكله أما إذا توفرت للوكيل أسباب معتبرة تدفعه إلى مخالفة التعليمات التي تلقاها أو مخالفة ما جرى عليه العرف وجب عليه أن يبادر بإعلام موكله على الفور وأن ينتظر جوابه .
والملاحظ أن المشرع يوجب تشدد في تفسير التزام بذل العناية في تنفيذ الوكالة وهو ما يؤكده الفصل 1132 م إ ع الذي ينص على أن الضمان الذي قرره الفصل 1131 م إ ع يشتد حكمه إذا كانت الوكالة بأجر أو في حق صغير أو مولى عليه أو ذات معنوية .
كما أن تنفيذ الوكالة على أحسن وجه يقتضى من الوكيل أن ينفذ التزامه مع تمام الأمانة والنزاهة
فيمنع عليه أن يتصرف لمصلحته الشخصية فإذا وكل مثال على االقتراض فال يحق له استعمال المبلغ المقترض لمصلحته الشخصية وفي هذا المعنى وبصفة خاصة يمنع على الوكيل أن يتعاقدمع نفسه ولو بواسطة فال يمكنه شراء ما وكل لبيعه تطبيقا لمقتضيات الفصل 549 م إ ع الذي جاء به أنه " من كان له التصرف بالنيابة عن غيره ... ليس له أن يعقد لنفسه ولو بواسطة " .
ومن مقتضيات تنفيذ الوكالة أن ينفذ الوكيل المهمة التي كلف بها ضمن الحدود المرسومة له " بالزيادة والنقصان " كما ورد بالفصل 1121 م إ ع وإذا فعل الوكيل ما يتجاوز وكالته أو يخالف التعليمات الصادرة له من موكله يتحمل مسؤولية ذلك يقدر ما تجاوز به توكيله.
غير أن تنفيذ الوكالة قد يعتريه شيء من التداخل والتعقيد في حالة تعدد الوكالء أو في حالة توكيل الوكيل نفسه لغيره .
حالات تعد الوكالاء ونائب الوكيل :
إذا تعددت التواكيل في نازلة واحدة أجاز المشرع بالفصل 1126 م إ ع لكل من الوكالاء أن يباشر النازلة وذلك في مغيب الباقين .
غير انه إذا عين الموكل بعقد واحد من أجل أمر واحد عدة وكالاء لا يجوز لهؤلاء أن يعملوا منفردين ما لم يكونوا مأذونين في ذلك من الموكل فالأصل أنه لا يجوز لأحد من الوكالاء أن يجري أي عمل في غياب الاخر حتى لو تعذر على هذا الأخير الإشتراك معه في إجرائه والسبب هو أن الأمر يحتاج إلى تشاور وتبادل لأراء لكن هذا الحكم ال ينطبق في الصور التالية :
- - إذا كانت الوكالة لرد وديعة أو بالوفاء لدين غير متنازع فيه ومستحق الأداء فهذان العملان الحاجة فيهما إلى تبادل الرأي بين مختلف الوكالاء .
- - إذا كانت الوكالة على خصام أو التخاذ إجراء تحفظي في مصلحة الموكل أو كان هناك أمر مستعجل من شأنه إذا ترك أن يلحق ضررا بالموكل أو كانت الوكالة بين تجار في معاملات تجارية.
فهذه الصور تتطلب السرعة لذلك لا يشترط اشتراك الوكالاء في العمل فيجوز فيها لأحد الوكالء أن ينفرد دونهم بمباشرة العمل الموكل عليه ما لم يصرح بالعكس .
هذا وقد بين الفصل 1140 م إ ع المسؤولية المدنية في حالة تعدد الوكالء وهي مسؤولية
بالتضامن والملاحظ أن هذا الفصل تضمن أحكاما مطابقة للقواعد العامة في التضامن بين المدينين الواردة بالفصل 174 و175 م إ ع .
وأما في خصوص إنابة الوكيل غيره عنه في تنفيذ الوكالة فإنه يجب التمييز بين الوكالة العامة والوكالة الخاصة فإذا كان التوكيل عاما فيجوز للوكيل المفوض أن ينيب عنه شخصا آخر في تنفيذ الوكالة سواء كلها أو بعضها كما جاء في الفصل 1128 م إ ع والأرجح أن هذا الحل يقوم على فكرة الضرورة العملية ولكنه يبدو مخالفا لفكرة تعلق الوكالة في أغلب الأحيان بالإعتبارالشخصي.
وأما إذا كانت الوكالة خاصة فإنه ليس للوكيل مبدئيا أن ينيب غيره في تقييد الوكالة وهو حل منطقي لأن الوكالة تقوم على الإعتبار الشخصي ولكنه حل غير مطلق إذا يمكن للوكيل أن ينيب عنه شخصا آخر وذلك في الحالات التالية على وجه الحص:
- - إذا جعل الموكل ذلك أي خوله هذا الحق عند إبرام الوكالة أو أذن له في تاريخ الحق.
- - إذا ما اقتضاه نوع التوكيل أو مقتضيات الحال أي ما اقتضته طبيعة العمل .
وبالنسبة للمسؤولية في حالة إنابة الوكيل غيره فإنه يتعين التمييز بين صورتين :
- إذا لم يكن الوكيل مخولا لتوكيل غيره في الوكالة ومع ذلك أناب عنه شخصا آخر للقيام
يكون حينئذ مسؤوال عمن ينيبه كما يسأل عن أفعاله شخصيا وهو ما يفهم من الفصل 1129 م إ ع.
- إذا كان الوكيل مخولا لتوكيل غيره فالحكم هنا يختلف بحسب تعيين شخص من عدمه .
فإن كان للوكيل حق توكيل غيره بدون تعيين شخص فلا يكون مسؤولا تجاه الموكل عن الأخطاء التي
نائب الوكيل ولكن يصبح الموكل ضامنا أي مسئولا إذا ارتكب هو خطأ أو أخطأ في
إعطاء تعليمات كانت سببا في الضرر أو أغفل مراقبة نائب الوكيل والحال أن المراقبة واجب محمول عليه .
وأما إذا كان للوكيل حق توكيل غيره مع تعيين شخص فال يسأل الوكيل عمن وكله وفي كل الحالات يكون نائب الوكيل مسئوال لدى الموكل مباشرة كالوكيل نفسه وله ما للوكيل من الحقوق ويترتب عن ذلك أن يكون للموكل ونائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر.
الاتزامات المتصلة بتقديم الحساب والتسليم :
عملا بالفصول 1135 و1136 و1137 م إ ع يلتزم الوكيل تجاه موكله بتقديم الحساب وما
يستوجبه ذلك من موافاته بالمعلومات الضرورية عما وصل إليه في تنفيذ الوكالة وأن يسلمه ما وصله بمناسبتها .
الإتزام بإعلام الموكل ومحاسبته :
يوجب القانون على الموكل أن يوافي موكله بكل المعلومات الضرورية المتعلقة بسير تنفيذ الوكالة سواء إثناء تنفيذها أو بعده فهو يتحمل إلتزاما بإعالم موكله بجميع الظروف التي يمكن أن تحمل هذا الأخير على تغيير شروط الوكالة أو الرجوع فيها وهو ما قصده الفصل 1134 م إ ع في التأخير عن الوكالة كما أن الوكيل مطالب بأن يبادر بإعلام الموكل على وجه التفصيل بكل ما يمكنه من الوقوف على مراحل تنفيذ العمل على أن تأخر الموكل عن الجواب بعد إعلامه عن تأخركل زائدا عما يقتضيه الأمر أو العرف يعد موافقة على ما أجراه الوكيل حتى ولو كان هذا الأخير قد تجاوز حدود وكالته حسبما قرره الفصل 1135 م إ ع .
وبمجرد تنفيذ الوكيل لوكالته يجب عليه أن يعلم موكله بكل ما يتصرف فيه وأن يعدم له حسابا مفصلا وشاملا لجميع الأعمال يتضمن ما قبضه وما أنفقه ومدعما بالمستندات التي يقتضيها العرف أو طبيعة التعامل .
الإتزام برد ما وصله بمناسبة الوكالة
بعد أن يتولى الوكيل تقديم الحساب للموكل على الوجه الذي تم شرحه فيما تقدم يجب عليه أن يسلم موكله كل ما تسلمه بموجب الوكالة أو بمناسبتها وهو ما يقتضي منه رد ما في يده من وثائق كرسم التوكيل ورسوم الملكية وغيرها من البضائع والمبالغ التي لم يقع صرفها وعليه أن يسلم للموكل كل ما تسلمه من الغير كالشيء الذي إشتراه أو المبالغ التي قبضها غير أن ال شيء يمنع الوكيل من ممارسة حق الحبس على الأشياء التي وجهها إليه الموكل أو سلمها إياه وذلك الستيفاء ما يستحقه من مبالغ أو حقوق تخلدت لفائدته في ذمة الموكل و لم يتسنى له استيفاؤها .
والملاحظ أن الوكيل يتحمل مسؤولية كبرى عن الأشياء التي إستلمها فهو وبمقتضى الفصل 1137 م إ ع ضامن عن األشياء التي قبضها بمناسبة الوكالة وقد أحال الفصل المذكور إلى القواعد المنطبقة على الوديعة مفرقا في ذلك بين الوكيل المتبرع والوكيل المأجور فالوكيل المتبرع ملزم بالمحافظة على صيانة األشياء التي تسلمها بمناسبة الوكالة كما يحافظ على أشيائه الخاصة ولا بإذن الموكل أو لضرورة يحق له أن ينيب عنه شخصا آخر في المحافظة على تلك الاشياء إلا المتأكدة حسبما قرره المشرع في الفصل 1006 م إ ع ولكنه لا يكون مسؤوال عن هالك هذه الأشياء أو تعيبها إذا كان ذلك ناجما عن ماهية األشياء أو لجود عيب فيها أو عن فعل الموكل أو عن قوة قاهرة وكل ذلك إذا لم يكن متأخرا في إرجاع هذه األشياء وهو ما يفهم من الفصل 1022 م إ ع الذي أحال إليه الفصل 1018 م إ ع وأما إذا كانت الوكالة بأجر فإن الوكيل يكون ضامن بصريح عبارة الفصل 1137 م إ ع حتى من أسباب الضياع والضرر التي يمكن التحذر منها وبالإضافة إلى المسؤولية المدنية فإن الوكيل الذي يختلس لم يترك الأشياء المسلمة له على وجه الوكالة بنية الإضرار بالموكل الذي يرتكب جريمة الخيانة على معنى الفصل 297 من المجلة الجزائية .
وفي كل الأحوال فإنه بإنقضاء الوكالة وجب على الوكيل رد رسم التوكيل إلى موكله أو وضعه بالمحكمة طبقا ألحكام الفصل 1139 م إ ع ويبقى الموكل أو ورثته مطالبون بإسترداد هذا الرسم .
التزامات الموكل تجاه الوكيل :
لئن كان الموكل مطالب بصفة عامة بتقديم الوسائل الالزمة لمعاقده لتنفيذ الوكالة وذلك بمده
بالمبالغ المالية الالزمة وغيرها مما يحتاج إليه إلتمام وكالته طبقا لما جاء بالفصل 1141 م إ ع فهو مطالب بلأخص برد النفقات والتعويض عن األضرار وبأداء الآجر في حالة الوكالة المأجورة.
الفصل الثاني : في علاقة الوكيل والموكل بالغير المتعاقد
إذا كان جوهر مهمة الوكيل هو لتعاقد مع الغير لحساب الموكل فإن أثر ما يختلف ما إذا كان الوكيل تصرف في حدود السلطة الممنوحة له أو تجاوز حدود هذه السلطة أوتصرف دون وكالة أصلا .
تصرف الوكيل في حدود السلطة الممنوحة له
يتعاقد الوكيل في الغالب مع الغير بإسم موكله وفي هذه الصورة يكون نائبا عن موكله
نيابة كاملة ومباشرة غير أن الوكيل يتعاقد أحيانا مع الغير باسمه الشخصي وهي النيابة الناقصة وغير المباشرة .
تعاقد الوكيل بإسم موكله
عندما يعمل الوكيل باسم موكله وفي حدود وكالته يقع تطبيق قواعد التعاقد بالنيابة بما يعنيه ذلك من إنصراف آثار تصرف الوكيل إلى موكله غير أن ذلك ال يبقي إمكانية قيام مسؤولية الوكيل في حالات بعينها .
إنصراف آثار تصرف الوكيل إلى الموكل
الوكيل الذي يتعاقد مع الغير باسم موكله أو كما عرفه الفصل 1149 م إ ع الذي يضيف العقد إلى موكله ويحق للغير في هذه الحالة أن يطالبه بإظهار رسم التوكيل وإن لزم األمر نسخة قانونية منه.
ويتضح من الفصل 1153 م إ ع أن الموكل هو الذي يعتبر طرفا في التعاقد وإليه تنصرف جميع آثار التصرف القانوني الذي أبرمه الوكيل لحسابه فال تتأثر ذمة الوكيل ال إيجابا وال سلبا ولا يتحمل مبدئيا أي مسؤولية ومن ثمة يصبح الموكل هو الدائن أو المدين .
وعلى هذا االأساس يترتب قيام عالقة تعاقدية مباشرة بين الموكل والغير الذي تعاقد معه الوكيل وهو ما أكده المشرع في الفصلين 1149 م إ ع و 1154 م إ ع غير أنه استثناءا من ذلك يمكن أن يكون الوكيل مسؤوال حتى ولو تعاقد باسم موكله وذلك في حاالت محددة .
مسؤولية الوكيل تجاه الغير
الوكيل لا يتحمل إلتزامات ناشئة عن العقد غير أنه يحق للغير أن يرفع الدعوى على الوكيل إلجباره على قبول تنفيذ العقد حين يكون تنفيذه داخل في نطاق وكالته كأن يطلب مثال البائع من الوكيل ثمن البيع إذا كان أداؤه داخال في وكالته .
كما أنه إذا كانت الوكالة منعقدة في حق الغير على معنى الفصل 1104 م إ ع فإنه يحق لهذا الأخير إلزام الوكيل على تنفيذ الوكالة إعتبارا لمصلحته في ذلك.
ويعتبر كذلك مسؤولا شخصيا عن فعله الوكيل الذي يرتكب خطأ يستوجب مسؤولية كأن يرتكب فعلاضارا في تنفيذ الوكالة .
وهناك صورة أخرى تمثل استثناءا لمبدأ إنصراف األثر المباشر لتصرف الوكيل وهي حالة الغش أو التواطئ بين الوكيل والغير إلحاق المضرة بالموكل كأن يقبل الوكيل بيع الشيء بثمن بخس بموجب توكيل له فالموكل في هذه الحالة ال يلزم بالعقد حتى ولو أن الوكيل لم يتجاوز حدود وكالته والجدير بالمالحظة أن هذا الحل وقع تكريسه في فقه قضاء محكمة التعقيب الفرنسية وهو في كل الأحوال حل بتطابق مع المبدأ العام الذي يقضي بأن الغش يبطل التصرفات القانونية .
تعاقد الوكيل بإسمه الشخصي
إذا أجرى الوكيل تصرفا بإسمه الشخصي ولكن لحساب موكله فإن الوكالة هنا تكون وكالة مستترة وتسمى " عقد التسخير " أو " عقد الإسم المستعار " ويقع الحديث عن تعاقد بإسم مستعار أو بطريقة التسخير ويبقى من المهم التطرق تباعا إلى دواعي تعاقد الوكيل بإسمه الشخصي ثم إلى أثاره.
دواعي تعاقد الوكيل بإسمه الشخصي
التعاقد بإسم مستعار يكون في الغالب في الحاالت التي يحرص فيها الموكل على إخفاء اسمه لسبب من الأسباب سواء كان جائزا أو غير جائز فاألغراض المشروعة لتسخير وكيل كثيرة منها أن يقصد الموكل بذلك أن يشتري ما في المزاد لكنه يخشى بظهور اسمه أن يتقدم أشخاصا يتزايدون عليه لعلمهم بحاجته الماسة إلى شراء ذلك الشيء فيضطر لدفع ثمن أرفع أو حتى ال يرفض البائع البيع إلى المشتري الحقيقي لوجود خالفات بينهما مثال وهذا النوع من التسخير صحيح قانونا إلا أنه ضرب من ضروب الصورية والصورية لوحدها ليست سببا لبطلان التصرف كما ذهب إلى ذلك الفقيه إسماعيل عبد النبي شاهين وغيره.
وإما إذا كان التعاقد بطريقة التسخير لسبب غير جائز فيكون باطلا كأن يتعاقد قاض أو محام على شراء حق متنازع فيه ويحجر عليه شراؤه بواسطة شخص آخر يتولى تكليفه بشرائه تحايلا على نص القانون .
وفي نفس السياق حجر الفصل 549 م إ ع على من كان له التصرف بالنيابة عن غيره كالمقدم والمدير أن يعقد لنفسه ولو بواسطة وذهب فقه القضاء إلى اعتبار أن هذا التحجير "ليس مقصورا
على المقدم والمدير المنصوص عليهما بالفصل المذكور بل يمتد حكمه حتى إلى الوكيل
اإلتفاقي..."
أثار تعاقد الوكيل بإسمه الشخصي :
نص الفصل 1148 م إ ع على أن " حقوق العقد الذي يضيفه الوكيل إلى نفسه ترجع إليه وهو المطلوب مباشرة لمن عاقده ولو علم معاقده أن إسمه في العقد عارية أو بصفة كونه وكيال".
ويتضح من هذا النص ان الوكيل سواءا على وقت إبرام التصرف أنه يتعاقد لحساب موكل أم لم يعلن فإن أثار هذا التصرف تضاف غيه شخصيا دائنا كان أو مدينا فال يحق للغير الرجوع مباشرة على الموكل كما ال يحق للموكل الرجوع على الغير أن ال توجد عالقة مباشرة بينهما .
وأما في خصوص العلاقة بين الوكيل والموكل فإنها تبقى خاضعة إلى القواعد الخاصة بالصورية كما نظمتها مجلة الإلتزامات والعقود في الفصل 26 بإعتبار أن الوكالة المستترة هي ضرب من ضروب الصورية كما سبق اإلشارة اليه ويبقى عبئ إثبات هذه الوكالة محمول على من يتمسك بها وفقا للقواعد العامة لمادة الإثبات وفي كل الأحوال فإن الوكالة المستترة تنظم بمقتضى أحكام عقد الوكالة بما يترتب من حقوق وإلتزامات.
تجاوز الوكيل لحدود السلطة الممنوحة له أو بدون وكالة
إذا تجاوز الوكيل حدود وكالته المرسومة وسلطاته الممنوحة فإن عالقة الوكيل والموكل بالغير تطرح مسألتين تكمن في معرفة من يكون ملزما بتنفيذ ما تعاقد عليه الوكيل وفي المسؤولية عن تعذر تنفيذ ما تعاقد عليه .
الطرف الملزم بتنفيذ ما تعاقد عليه الوكيل
بالرجوع إلى أحكام الفصل 1155 م إ ع يتضح أن المشرع وضع مبدأ مفاده أن الوكيل هو الطرف المعني بتنفيذ ما تعاقد عليه إذا تجاوز حدود وكالته أو بدون وكالة لكنه أورد صورا إستثنائية يكون فيها الموكل هو الطرف الملزم بتنفيذ ما ذكر .
المبدأ
متى تصرف الوكيل في حدود الوكالة المرسومة له من قبل الموكل انصرفت أثار تصرفه إلى ذمة موكله غير أنه بخروجه عن تلك الحدود ال تنصرف الأثار إلى الموكل ويعد بحكم الفصل 1155 م إ ع ملزما بتنفيذ ما التزم به تجاه الغير الذي تعاقد معه خارج حدود وكالته أو بدون وكالة والا يمكنه الإحتجاج على موكله أو معارضته بما أبرمه من تصرفات خارج حدود هذه الوكالة بل أن اتجاها في فقه القضاء الفرنسي ذهب إلى اعتبار أن تصرفات الوكيل خارج حدود وكالته باطلة وفي كل األحوال فإن الغير المتعاقد ال يمكن له القيام إالّ ضد الوكيل المزعوم .
الإستثنــاءات
يكون الموكل ملزما يتنفيذ ما التزم به الوكيل حتى ولو جاوز هذا الأخير حدود وكالته المرسومة في حالات معينة ومن ذلك إذا صادق الموكل على تصرف الوكيل ولا يشترط في المصادقة أن تكون صريحة كما ال تخضع إلى أية شكلية فيمكن أن تكون بالداللة كما يفهم من الفصل 1155 م إ ع فالمصادقة في هذه الحالة تعد على رأي بعض الفقهاء بمثابة " إنابة الحقة للتصرف ذات أثر رجعي "
وتجدر الإشارة أخيرا إلى حالة وجود ظروف واقعية من شأنها ان تجعل الغير يعتقد اعتقادا
مشروعا أن الشخص الذي تعاقد معه هو وكيل في التصرف موضوع التعاقد وهي صورة الوكالة الظاهرة فهنا تعتبر التصرفات المبرمة ضمن حدود تلك الوضعية الظاهرة حاصلة بطريقة الوكالة وتنصرف بالتالي أثار التصرف إلى الموكل .
والملاحظ أن المشرع التونسي كرس نظرية الوكالة الظاهرة ومن أهم تطبيقاتها على الصعيد التشريعي الفصل 1163 م إ ع الذي إقتضى أن " عزل الوكيل عن كل الوكالة أو عن بعضها لا يكون حجة على من عاقد الوكيل جاهال بالعزل وللموكل حينئذ أن يرجع على الوكيل" .
وبقطع النظر عن الطرف الملزم بتنفيذ ما تعاقد عليه الوكيل في صورة تجاوزه لحدود وكالته أومن غيرها فإنه يتجه التساؤل عن المسؤول في حال تعذر تنفيذ العقد الذي أبرمه الوكيل خارج حدود الوكالة .
المسؤول عن تعذر التنفيذ
إذا لم يتيسر تنفيذ العقد الذي أبرمه الوكيل خارج حدود سلطته أو بلا وكالة فإن المسؤولية عن ذلك تتحدد بحسب جهل الغير المتعاقد أو علمه بتجاوز الوكيل لحدود وكالته أو من غيرها .
جهل الغير المتعاقد
ينص الفصل 1156 م إ ع على ما يأتي " إذا تصرف الوكيل بال وكالة أو تجاوز حدود وكالته لزم غرم الخسارة لمن عاقده إن لم يتيسر إتمام ما تعاقدا عليه إلا بحقيقة الحال من أول الأمر إذا أعلمه أو ثبت أنه كان عالما بها كل ذلك ما لم يتكفل بإتمام العقد " .
ويستخلص من النص السالف الذكر أن شخصا إذا أبرم عقدا بإسم غيره دون توكيل أو كان توكيلا ولكنه جاوز حدود سلطاته الممنوحة له فإنه يكون مسؤولا عن الضرر الذي يلحق الغير من جراء تعذر التنفيذ إذا ثبت أن الغير المتعاقد غير عالم بأن الوكيل يعمل دون وكالة أو خارج حدودها فلا يجوز للغير الرجوع إلاعلى من اتخذ صفة الوكيل للتعويض عن الضرر الناشئ له من جراء عدم تنفيذ العقد .
علم الغيـر المتعاقـد
وفي المقابل فإن الوكيل ال يتحمل أي مسؤولية تجاه الغير الذي تعاقد معه إذا لم يتيسر تنفيذ ما تعاقد عليه وكان الغير عالما بان الوكالة غير موجودة وأن الوكيل جاوز حدودها إن وجدت .
غير أن هذه الحالة تقتضي ثبوت العلم لدى الغير وعلى الوكيل الذي يريد أن يتفصى من المسؤولية أن يثبت أنه أعلم الغير الذي تعاقد معه بمضمون الوكالة أو أن هذا األخير كان عالما بذلك .
والجدير بالإشارة إلى أن الفصل 1156 م إ ع إستثنى صورة تعهد الوكيل عن موكله وهو ما يستشف من قوله " كل ذلك ما لم يتكفل الوكيل بإتمام العقد أي ما لم يلتزم الوكيل بأن يجعل الموكل يقوم بتنفيذ العقد .
إرسال تعليق