تعدّ محكمة
التعقيب أعلى محكمة في التنظيم القضائي العدلي. وتنظر محكمة التعقيب في جميع
الأحكام والقرارات النهائية. وهي تتكوّن من دوائر مدنية وأخرى جزائية وفي بعض
الحالات تلتئم بدوائرها المجتمعة.
1) دور الدّائرة:
يعرض الطّعن
على محكمة التعقيب لأسباب معيّنة:
ç
الطّعن بالتعقيب:
·
الخصوم لدى التعقيب: يقبل الطّعن بالتعقيب من كلّ طرف في الحكم المطعون فيه
أو من خلفائه أو من ورثته. كما يمكن أن يصدر الطعن عن النيابة العمومية أي عن وكيل
الدّولة لدى محكمة التعقيب عندما يكون الطّعن لمصلحة القانون pourvoi dans l’intérêt de la loi : عندما ترى النيابة أنّ نصّ
القرار أو الحكم المطعون فيه تضمّن خرقا لقاعدة قانونية في حين لم يقم أحد طرفيه
بالطّعن في الإبّان.
·
أسباب الطّعن: يجب أن تتضمّن مذكّرة مستندات الطّعن بالتعقيب أسباب الطّعن بصورة توضّح
نوع الخلل المقصود من الطعن. وقد يتضمّن الطّعن بالتعقيب عدّة مطاعن moyens تنفسم بدورها إلى فروع branches
du moyen.
حسب الفصل 175 من م.م.م.ت، يمكن
الطّعن بالتعقيب في الأحكام النهائية الدّرجة وذلك في الحالات التالية:
* مخالفة
القانون: يعني أن القرار أو الحكم المنتقد قد خرق قاعـدة قانونية واضـحة فغيّر
شروط
تطبيقها أو
إستنتج حلاّ غير الحلّ الّذي تضمّنته ولا يشمل السبب المذكور القواعد القانونية
بالمفهوم الضيق لكلمة قانون أي التشريع العادي بل المقصود هو كلّ القواعد
القانونية مهما كانت طبيعتها.
وإذا سلّمنا
بإعتبار قواعد العرف هي قواعد قانونية فإنّه يتّجه منطقيا أن تبسط محكمة التعقيب
رقابتها على محكمة الموضوع سواء بالنّسبة لوجود العرف أو بالنسبة لتطبيقه.
* الخطأ في
تطبيق القانون: يعني أنّ حكّام الأصل لم يتوفّقوا في إختيار القاعدة المناسبة
للوقائع المعروضة ويحدث هذا في مسألة الوصف القانوني إذا كانت موكولة للأطراف
وتبنّي الحكّام للوصف المعروض من أحد الأطراف ممّا قد ينجرّ عنه خطأ في إعتماد
قاعدة دون أخرى لا تهمّ النّزاع المعروض.
* الخطأ في
تأويل القانون: يعني أنّ حكّام الأصل أخلّوا بقواعد تفسير وتأويل الأحكام
القانونية الغامضة أو الناقصة. وقد يدفع المعقّب بكلّ هذه الأسباب في طعن واحد لكن
عليه بيان وجه إعتمادها بدقّة.
أمّا الأسباب
الأخرى فقد عدّدها المشرّع في بقية أحكام الفصل 175 من م.م.م.ت.
2)
محتوى القرار الصّادر عن محكمة التعقيب:
ç عندما يقدّم الطّعن لدى محكمة التعقيب فالأصل هو أنّ هذه
المحكمة تقوم بمراقبة القرار أو الحكم المطعون فيه أي أنّها لا تنظر ولا
تفصل في الوقائع وفي مآل الدّعوى. وإذا كان الدّفع مزدوجا بين الواقع والقانون فلا
يقبل لأنّ الصّبغة الواقعية تقتضي إجراء تحقيقات تختصّ بها محكمة الأصل. وتنظر
إحدى الدّوائر في المطلب وتصدر قرارها إمّا:
¨ بالرفض لأسباب شكلية كعدم إحترام الآجال أو الإجراءات أو أصلية إذا
كان الطّعن غير وجيه بالنّسبة لها.
¨ أو بالنّقض أي إبطال الحكم أو القرار
المطعون فيه. وقد يتمّ النّقض إمّا جزائيّا أو كلّيا (الفصل 176 من م.م.م.ت)، كما أنّ النّقض قد يكون إمّا:
-
مقترنا بالإحالة إلى المحكمة التي أصدرت القرار أو الحكم لإعادة النّظر. في
هذه الصورة يمكن لمحكمة الإحالة أن تكون:
* المحكمة ذاتها التي أصدرت القرار
أو الحكم الذي تمّ نقضه، ويجب أن تعيد المحكمة النّظر في النّزاع بهيئة جديدة (الفصل 178 من م.م.م.ت).
* أو محكمة أخرى متساوية الدّرجة وتصدر محكمة الإحالة حكمها أو قرارها من
جديد بعد إعادة النّظر في النّزاع فيما تسلّط عليه النّقض.
-
غير مقترن بالإحالة أي أنّ محكمة التعقيب تقتصر على النقض دون الإحالة وذلك
كأن تكون هذه الإحالة لمحكمة غير مختصة أو عندما يكون الطّعن مقدّما لمصلحة القانون
من طرف النيابة العمومية.
ç قد يحدث تعقيب ثان في إحدى الصورتين التاليتين:
¨ الطّعن الثاني مؤسس على سبب جديد غير السبب الأول الواقع
من أجله النقض: يحال الطعن
على دائرة من دوائر محكمة التعقيب التي يمكنها إمّا أن ترفض المطعن
شكلا أو أصلا أو تقضي بالنقض مع الإحالة من جديد إلى محكمة إحالة
ثانية أو دون إحالة إذ سمح المشرّع لدائرة محكمة التعقيب أن تبتّ
مباشرة بنفسها في النزاع على شرط أن يكون موضوعه مهيّأ للفصل وهو إستثناء
لمبدأ أنّ محكمة التعقيب لا تبتّ في الأصل.
¨ الطّعن الثاني مؤسس على نفس السبب الواقع من أجله النقض: يحال إذّاك الطّعن على "الدّوائر المجتمعة"
لتتولّى النّظر في خصوص المسألة الواقع مخالفتها. وللدّوائر المجتمعة أن:
-
تقضي برفض الطّعن شكلا أو أصلا.
-
تؤيّد الدّوائر موقف الدّائرة فتقضي بالنقض وعند ذلك يجوز لها إمّا النّقض
والبتّ في النّزاع إن كان موضوع النّزاع مهيّأ للفصل وإمّا النّقض مع الإحالة
ويكون قرارها "واجب الإتباع من طرف محكمة
الإحالة" بحيث ينتهي حتما النّزاع.
ç وللدّوائر المجتمعة دور يتمثّل في النّظر في مطالب
مراجعة القرارات الصّادرة عن إحدى الدّوائر التعقيبية في صورة وقوعها "بالخطإ البين" في إحدى الصّور الثلاث
التالية:
¨
إنبناء قرار الرّفض شكلا على غلط
واضح.
¨
إعتماد القرار نصّا قانونيا سبق نسخه أو تنقيحه بما صيّره غير منطبق.
¨
مشاركة من سبق منه النّظر في النّزاع في إصدار القرار المطلوب مراجعته.
Ãللدّوائر المجتمعة وظيفة عامة وهي توحيد الآراء القانونية
بين الدّوائر.
إرسال تعليق