هي قدرة الشّخص على تحمّل الإلتزامات وعلى إكتساب الحقوق وممارستها.
ونصّ الفصل 3 من م.إ.ع على أنّ "كلّ شخص أهٌّل للإلزام والإلتزام ما لم يصرّح القانون بخلافه" أي أنّ الحدّ من الأهلية لا يترتّب إلاّ على القانون.
ويفرّق المشرّع بين صنفين من الأهلية:
ç أهلية التمتّع capacité de jouissance (أهلية الوجوب): هي القدرة على إكتساب الحقّ وتنشأ مع الشّخص وتنتهي بنهاية شخصيّته
القانونية وتتحد أهلية التمتّع في مضمونها مع فكرة الشّخصية القانونية أي أنّ
القضاء عليها كلّيا يعني غياب الشّخصية القانونية. فالجنين له أهلية التمتّع وإن
كانت حقوقه مشروطة وكذلك المجنون والصبيّ له أهليّة التمتّع.
ç أهلية الأداء capacité d’exercice: هي قدرة الفرد على ممارسة الحقّ. وإنعدامها لا يفقد
الشّخص حقّه ولا شخصيّته القانونية بل يقيّد تصرّفه أو يعدمه حماية له ممّا يوجب
تنظيم نيابة عنه. وفي هذا الصدد، وجب التّفريق بين:
أ)
أهلية الأداء المنعدمة:
تنعدم أهلية الأداء لدى الشّخص الطّبيعي في صورتين تتّحدان في فقد القدرة
على التمييز لدى صاحب الحقّ.
1)
الصغير غير المميّز:
التمييز le discernement هي القدرة على التفريق بين الخير والشّر وقد حدّد
المشرّع التونسي
سنّ التمييز إلى تاريخ بلوغ 13 سنة. وإنعدام أهلية الأداء لا يعني إنعدام أهلية
التمتّع ممّا يوجب تنظيم ولاية للصّغير غير المميّز وهي ولاية يقصد بها حماية
حقوقه.
تحديد الولي: يخضع في ذلك القاصر للتّدقيق الوارد بالفصل 154 من م.أ.ش المتعلّق بالولاية، فالقاصر وليّه والده ،
وبعد وفاة هذا الأخير أمّه وبعد وفاة الأمّ أو فقدها يٌعمل بوصية الأب إن وجدت وفي
صورة غياب الوصي بعد موت الأب والأم) يٌقدّم على القاصر مقدّم قضائي ورأينا أنّ
القاصر اللّقيط أو المهمل له ولي عمومي: متصرّفو المستشفيات والمآوي ومعاهد
الرّضع ومديرو الإصلاحيات ومآوي الأطفال عندما يتعهّدون بحفظهم والولاة في جميع
الصّور الأخرى. وللولي العمومي نفس الحقوق الّتي للولي الشّرعي وعليه ما على هذا
الأخير من الواجبات.
وحسب الفصل 67 من م.أ.ش،
تتمتّع الأمّ في صورة إسنادها الحضانة بصلاحيات الولاية في ما يتعلّق بسفر المحضون
ودراسته والتصرّف في حساباته المالية.
ويمكن للقاضي أن يسند مشمولات الولاية إلى الأمّ الحاضنة إذا تعذّر على
الوليّ ممارستها أو تعسّف فيها أو تهاون في القيام بالواجبات المنجرّة عنها أو لأي
سبب يضرّ بمصلحة المحضون.
سلطات الولي: يٌكلّف الوليّ بالقيام بكلّ الأعمال والتصرّفات في حقّ الصّغير عديم
التمييز فيمثّله تحت رقابة وكيل الجمهورية وحاكم التقادم ولا يفقد الأب مبدئيا
ولايته على الصغير في صورة الطّلاق وإسناد الحضانة لوالدته. فالولاية تختلف عن
الحضانة، حيث ورد بالفصل 61 من م.أ.ش أنّه
إذا سافرت الحاضنة سفر نقلة لمسافة يعسر معها للولي القيام بواجباتها نحو منظوره
سقطت الحضانة.
ويحقّ للأولياء النّظر في شأن المحضون وتأديبه وإرساله إلى أماكن التعليم.
وينتج عن هذه الحماية بطلان كلّ تصرّفات الصّغير غير المميّز الّتي يقوم
بها بصورة مخالفة لقواعد الولاية.
2)
المجنون:
حسب الفصل 160 من م.أ.ش، المجنون هو "الشّخص
الّذي فقد عقله سواء كان جنونه مطبقا يستغرق جميع أوقاته أو منقطعا تعتريه فترات
يثوب إليه عقله فيها". فالجنون هو فقدان التمييز.
كما نصّ الفصل 161 من م.أ.ش على أنّ الحجر أي المنع يتعيّن في حالة الجنون
بحكم من الحاكم ويعتمد القاضي في حكمه على أهل المعرفة أي على الخبراء وينصّ الحكم
ذاته على تعيين مقدّم يتولّى إدارة أموال المجنون، كما يدير أموال إبنه.
وبالتالي فإنّ
كلّ تصرّفات المجنون الّتي يقوم بها بنفسه تعدّ غير نافذة ولا مسؤولة مدنيا عليه
شأنه شأن الصّغير غير المميّز.
ب)أهلية الأداء المقيّدة:
حدّد الفصل 6 من م.إ.ع الأشخاص الّذين تٌقيّد أهليّتهم وهم:
1)
الصغير المميّز القاصر:
حدّد الفصل 7 من م.أ.ش سنّ الرّشد بـ20 سنة كاملة وذلك بإشتراط عدم صدور حكم بالتحجير عليه
لسبب من الأسباب غير الصّغر وبذلك تصبح جميع تصرّفاته نافذة.
وللقاصر الّذي
يمتدّ عمره من 13 إلى 20 سنة أهلية مقيّدة إذ أنّه مؤهّل للقيام ببعض الأعمال
القانونية ومنها:
ç القدرة على تحسين حاله ولو بدون مشاركة الأب أو الولي بقبول هبة من شأنها
الزّيادة في كسبه أو إبراء ذمّته بدون أن يترتّب عليه شيء من جرّاء ذلك.
ç القدرة على أن يكون وكيلا لغيره حيث يشترط في صحّة الوكالة أن يكون الموكّل أهلا لأن
يجري بنفسه ما وكّل عليه ولا يشترط ذلك في الوكيل بل يكفيه أن يكون عاقلا مميّزا
ولو لم يكن أهلا لإتمام ما وكّل عليه.
ç القدرة على إبرام عقد بلا إذن من الولي ويلزمه العقد إذا أجازه الولي على
الصورة المطلوبة قانونا.
- يمكن أن يؤاخذ شخصيا عن أفعاله المنتجة لمسؤولية
مدنية تقصيرية:
حمايته: تتمّ بإقرار ولاية على القاصر الّذي يتمّ تعيينه قانونا
من بين الأب، الأمّ بعد وفاة الأب، الوصي إن وجد، المقدّم القضائي أو الولي
العمومي أحيانا.
ويتدخّل الولي
لإجازة بعض العقود الّتي أبرمها القاصر لوحده. كما يقوم الولي بإدارة أملاك القاصر
وتمثيله لدى المحاكم وذلك تحت مراقبة حاكم التّقادم ووكيل الجمهورية.
الترشيد: يمكن للقاصر الّذي لم يبلغ سنّ 20 سنة والّذي تجاوز سنّا معيّنة أن يتمتّع بالتّرشيد émancipation والترشيد يكون إمّا:
-
الترشيد المطلق: يصدر عن
القاضي بالنّسبة للقاصر الّذي بلغ 18 سنة في خصوص أعمال التّجارة.
-
الترشيد المقيّد: يصدر عن
القاضي بداية من بلوغ سنّ 15 سنة.
ويمكن الرّجوع في الترشيد إن قام لدى القاضي موجب لذلك.
تطبيق
أحكام الأهلية في الزّواج: في ما يتعلّق
بالزّواج دون سنّ الرّشد، يتوقّف على موافقة الولي والأمّ فإن إمتنع الولي أو
الأمّ عن هذه الموافقة وتمسّك القاصر برغبته، رٌفع الأمر للقاضي.
2)
ضعيف العقل:
حسب الفصل 160 من م.أ.ش هو "الشخص غير
كامل الوعي السيّء التدبير الّذي لا يهتدي إلى التصرّفات الرّائجة ويغبن في
المبايعات".
ويختلف ضعيف
العقل عن المجنون، عن المرض كعيب من عيوب الرّضاء وعن مرض الموت.
يصدر الحجر
في شأن ضعيف العقل بحكم يعتمد فيه الحاكم أهل المعرفة.
ويتمتّع
المحجور لضعف عقله بأهلية مقيّدة إذ يمكنه تحسين حاله بقبول هبة مثلا
ويؤاخذ مدنيّا عن أفعاله. لكنّ التصرّفات الأخرى الّتي يقوم بها بدون مساعدة تكون
باطلة إذ لم يحجّرها الولي ووليّه مقيم قضائي يعيّن في حكم الحجر وقد مكّن المشرّع
من إبطال التصرّفات الّتي قام بها ضعيف العقل قبل صدور حكم التحجير إذا كان مشتهرا
بذلك.
كما يمكن لضعيف
العقل أن يلجأ بنفسه للمحكمة لطلب رفع الحجر عنه بحكم.
3)
السّفيه:
حسب الفصل 146 من م.أ.ش،
السّفيه هو "الّذي لا يحسن التصرّف في ماله ويعمل
فيه بالتبذير والإسراف". وقد لا يفرّق الحاكم أحيانا بدقّة بين ضعيف
العقل والسّفيه.
يتمّ الحجر على السّفيه لمنعه من مواصلة تبديد أمواله ويٌتّبع في
التّحجير نفس الإجراءات الّتي يخضع لها تحجير المجنون وضعيف العقل أي أنّه يجب
الإلتجاء للمحكمة لتصدر حكمها بالتحجير.
أهلية السّفيه مقيّدة حيث يمكن له أن يحسّن حاله بقبول هبة أو تبرّع، كما
يمكنه أن يبرم تصرّفات يجيزها الولي فيما بعد فيمنع عنها البطلان كما يمكنه أن
يكون مسؤولا مدنيّا عن أفعاله. فيما عدا هذه الصّور للسّفيه مقدّم وذلك بمقتضى
حكم.
تجدر الإشارة إلى أنّ جميع التصرّفات الّتي يباشرها السّفيه قبل الحكم فهي
صحيحة ونافذة، لكنّها بعد صدور الحكم يتوقّف نفاذها على إجازة وليّه.
4)
المفلس:
حسب الفصل 6 من م.إ.ع فإنّ الأهلية المقيّدة تشمل أيضا "المحجور عليهم لتفليسهم حيث يترتّب عن الحكم بالتّفليس
من تاريخ صدوره رفع يد المدين عن إدارة جميع مكاسبه والتصرّف فيها وللمفلس ولي وهو
أمين الفلسة الّذي يباشر ما للمفلس من الحقوق والدّعاوي المتعلّقة بكسبه ويمكن
للمفلس أن يجري الأعمال التحفّظية لصيانة حقوقه، أن يتداخل في القضايا الّتي
يتّبعها الأمين وان يمارس حقوقه الّتي تتناول مصلحة أدبية محضة".
المفلس مسؤول
مدنيا أمّا التصرّفات التي يبرمها بدون إمضاء أمين الفلسة فيمكن إبطالها بطلب من
هذا الأخير.
وبعد ختم
الفلسة، يمكن للمفلس أن يطلب إعادة الإعتبار له بعريضة يرفعها للمحكمة الّتي صدر
فيها الحكم بتفليسه بشرط إيفائه بجميع المبالغ الواجبة عليه أصلا وفوائض ومصاريف.
5)
المحكوم عليه بالسّجن لمدّة تتجاوز 10
أعوام:
نصّ الفصل 30 من المجلّة الجنائية على أنّه "يكون حتما كلّ
محكوم عليه في جناية واحدة بالسّجن لمدّة تتجاوز 101 أعوام من تاريخ الحكم عليه إلى إتمام مدّة عقابه تحت
قيد الحجز. ويعين له مقدّم للقيام بإدارة مكاسبه بحيث لا يمكنه التصرّف فيها إلاّ
بالإيصاء كما لا يمكنه قبول أي مبلغ ولو جزئي من ربحها. وترجع له مكاسبه عند
إنقضاء مدّة عقابه ويحاسبه حينئذ المقدّم على تصرّفه مدّة تقديمه".
إرسال تعليق