كما صادقت تونس على إتفاقية مناهظة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة و ذلك بمقتضى القانون عدد 79 لسنة 1988 المؤرخ في 11 جويلية 1988
و قد أصبح لعقوبة السجن من منظور السياسة العقابية الحديثة وظيفة الإصلاح و التهذيب و إعداد السجين لكي يستعيد مكانته في المجتمع.
فالسجون كما اقتضى الفصل الأول من الأمر عدد 1876 لسنة 1988 " هي أماكن معدة لإيواء الأشخاص المودعين لديها من طرف السلط القضائية ذات النظر و ذلك خاصة بهدف اصلاحهم و تهذيبهم و تقويم سلوكهم و تأهيلهم للإندماج من جديد في المجتمع."
كما نص الفصل الأول من قانون 14 ماي 2001 أنه:" ينظم هذا القانون ظروف الإقامة بالسجن بما يكفل حرمة السجين الجسدية و المعنوية و اعداده للحياة الحرة و مساعدته على الإندماج فيها.
*** المبحث الأول : مساوئ عقوبة السجن
إن الاختلاط بين المجرمين المبتدئين و المجرمين المحترفين يجعل الفريق الأول يتعلم من الفريق الثاني تقنيات جديدة في عالم الإجرام، فالسجن في هذه الحالة يصبح فضاء لتعليم الإجرام و التوغل في عالمه.
يشعر العديد من المساجين بصدمة نفسية عند دخولهم لأول مرة للسجن و بسبب ضيق المكان و الاكتظاظ فإن ذلك من شأنه أن يسبب بعض العوارض كالقلق و الاكتئاب و الاضطرابات الهضمية و آلام الظهر و آلام الأسنان.
كما أن الحياة السجنية في نطاق الإكتظاظ و الإحتقان و التوتر تفرز ما يعرف بظاهرة العنف المتبادل بين المساجين و كذلك العنف الموجه إلى الذات حيث يتعمد بعض المساجين إلى المس من سلامتهم البدنية و ذلك بإحداث جروح عميقة و تمزيق العروق باستعمال آلات حادة
كما أن بعض المساجن الذين يعانون من رفضهم لوضعيتهم داخل السجون قد يلجأون إلى الإضراب عن الأكل كوسيلة لللإحتجاج و لفت النظر لمطالبهم و الإضراب عن الأكل نوعان إضراب كلي و يعرف بالإضراب الوحشي و إضراب جزئي.
و قد يصل الأمر بالسجين إلى حد الفرار من السجن فالفرار من السجن يعد جريمة إذ ينص الفصل 147 م ج أنه" يزاد عام في مدة عقاب المحكوم عليه بالسجن لمدة معينة الذي فر أو حاول الفرار و تكون الزيادة بثلاثة أعوام إذا وقع عنف، أو كسر السجن، أو وفاق بين المساجين و تكون الزيادة خمسة أعوام في صورة وقع إرشاء أو محاولة ارشاء الحارس"
و يعاقب السجين إذا فر أو حاول الفرار إذا وقع نقله لمصلحة أو مستشفى إذا جاء بالفقرة الرابعة من الفصل 146 م ج " يعاقب بالسجن مدة عام كل سجين وقع نقله لمصلحة أو مستشفى وفر بأي وسيلة كانت أو حاول الفرار من المكان الواقع نقله إليه".
و جريمة الفرار من السجن يقع تتبعها من طرف مدير السجن و ذلك بعد صدور قانون عدد 51 لسنة 2001 مؤرخ في 3 ماي 2001 المتعلق بإطارات و ألأعوان السجون و الإصلاح حيث جاء بالفصل 3 فقرة أولى أنه " يمارس مديرو السجون و مراكز الإصلاح وظائف الضابطة العدلية طبقا لأحكام مجلة الإجراءات الجزائية في خصوص الجرائم التي يعاينونها أثناء أداء وظائفهم داخل السجون و مراكز الإصلاح أو بمناسبتها " .
لقد اهتم المختصون في سوسيولوجيا الحياة السجنية، بظاهرة المثلية الجنسية في الفضاء السجني حيث لا يخلو أي سجن من الملاوطين و الشواذ جنسيا، و حسب المختصين يمكن تصنيف محترفي المثلية الجنسية إلى ثلاثة أصناف:
أولا: الذين يمارسون المثلية الجنسية بصفة متبادلة حيث يتبادل هؤلاء الشذوذ الجنسي
ثانيا: الفئة الثانية تتمثل في فئة المستأجرين، حيث أن هؤلاء المحترفين يجعلون من أجسادهم بضاعة قابلة للاستئجار بمقابل في هذه الحالة يكون الجسد عبارة عن بضاعة معروضة للجميع
ثالثا: الفئة الثالثة من محترفي المثلية الجنسية الذين لا يهبون أجسادهم إلا لشخص معين و ذلك مقابل الحماية و الأمان و هو ما يسمى بخصوصه الجسد أو الاحتكار الجنسي.
و لتطويق هذه الظاهرة يقع في أغلب سجون العالم جمع الشواذ في غرفة واحدة .
و في هذا الإطار و للتخفيف على المساجين المتزوجين بمقتضى عقود زواج صحيحة سمحت بعض الأنظمة العقابية لهؤلاء بممارسته حقوقهم الزوجية في مواعيد دورية و أماكن مخصصه داخل المؤسسة السجنية و هو ما يعرف "بالخلوة الشرعية" .
فقد نصت المادة 12 من لائحة تنظيم العمل بالسجون السودانية لسنت 1992 أنه " يجوز السماح لزوج النزيل أو النزيلة بعد التثبت الشرعي لقيام الزوجية بزيارة زوجية و تحدد اللوائح كيفية ذلك"
و نصت المادة 20 من قانون مراكز الإصلاح و التأهيل الأردني على أنه " لكل محكوم عليه لمدة سنة أو أكثر الإختلاء بزوجه الشرعي في مكان من المراكز يخصص لهذه الغاية تتوفر فيه شروط الخلوة الشرعية وفق تعليمات يصدرها مدير الأمن العام"
كما أشار قانون السجون السعودي لحق السجين في الإختلاء الشرعي بزوجته مرة كل أسبوع لمدة ثلاث ساعات و بما لا يقل من مرتين شهريا.
و في القانون الليبي , نصت المادة 136 من اللائحة التنفيذية لقانون مؤسسات الإصلاح و التأهيل الصادر بقرار اللجنة الشعبية العامة رقم (168) لسنة 1373 من وفاة الرسول (2005 مسيحي) أنه:" يخصص عدد من الحجرات في كل مؤسسة تكون منفصلة عن محل إقامة النزلاء و الإدارة لتمكين الزوج من الخلوة بزوجه لمدة لا تقل عن ساعة في كل أربعة أشهر و يقدم النزيل الراغب في الخلوة بزوجه طلبا بذلك إلى مدير المؤسسة مرفقا به كتيب العائلة و شهادة من المأذون المختص تفيد استمرار لزوجية بينهما".
*** المبحث الثاني: الحد من مساوئ عقوبة السجن
نظرا لظاهرة اكتظاظ السجون و تخلف البنية التحتية لهذه المؤسسات العقابية و قلة الموارد المالية المخصصة لها خاصة في العالم الثالث و ما انجر عن ذلك من سلبيات و مساوئ فإن السياسة الجنائية الحديثة تدعو إلى وضع حلول مناسبة للحد من مساوئ عقوبة السجن و يمكن حصر هذه الحلول في الحد من التجريم و الحد من العقاب و إيجاد وسائل و بدائل للتخفيف من وطأة السجن.
1- الحد من التجريم
يمكن تعريف الحد من التجريم بأنه " عدم الإفراط في التجريم سواء بعدم التدخل لتجريم أنماط من السلوك أو إلغاء تجريم معين أي أنه الاعتراف بمشروعية سلوك في الحياة و اعتباره أمرا مباحا و لا عقاب عليه، فهو لايشكل جريمة جنائية و لا ترتبط مخالفته بأي جزاء جنائي
إن الإفراط في التجريم تسبب في المساس بالحريات من ناحية و بصدور أحكام بالسجن على أفعال لا تمثل كلها خطوره على المجتمع مما تسبب في اكتظاظ السجون.
فالحد من التجريم، يعني دراسة الأفعال التي يمكن اعتبارها لا تستحق تدخل القانون الجزائي و الإعتراف بمشروعيتها.
2- الحد من العقاب
إن السياسة العقابية الحديثة تتجه إلى إعتبار أنه لا يستعان بالقانون الجنائي لمواجهة سلوك غير مشروع إلا إذا كان يمثل خطرا إجتماعيا على درجة كبيرة من الأهمية و تعجز الحلول غير الجنائية في مواجهته وبالتالي فإن نظام الحد من العقاب المقصود به التخلي عن تسليط عقوبات سالبة للحرية (عقوبة السجن) لصالح بدائل و وسائل أخرى.
و من أهم مظاهر الحد من العقاب يمكن ذكر تعليق العقوبة و العقوبات البديلة.
يتم تعليق العقوبة من خلال تأجيل تنفيذ العقوبة و ذلك بعد صدور حكم بات أو من خلال السراح الشرطي و الذي يحدث بعد بداية تنفيذ عقوبة السجن.
جاء بالفصل 53 م ج فقرة 13 أنه " إذا صدر الحكم في جنحة أو إذا صدر الحكم بالسجن في جناية فإنه يمكن للمحكمة في جميع الصور التي لا يمنع فيها القانون أن تأمر بالحكم نفسه مع تعليل قضائها بتأجيل تنفيذ العقوبة إن لم يسبق الحكم على المتهم بالسجن في جناية أو جنحة على أنه لا يمكن منح تأجيل التنفيذ في القضايا الجنائية إلا إذا كانت أدنى العقوبة المحكوم بها مع تطبيق ظروف التخفيف لا تتجاوز عامين سجنا".
و تقوم المحكمة عند القضاء بتأجيل التنفيذ بإنذار المحكوم عليه بأنه لو رجع إلى الجريمة ثانية تنفذ عليه العقوبة الأولى كما تسلط عليه العقوبات المقررة للعود (الفصل 53 م ج الفقرة 18 )
* السراح الشرطي:
بموجب السراح الشرطي يقع الإفراج عن المحكوم عليه من السجن قبل انتهاء مدة عقوبته
جاء بالفصل 353 اج أنه " يمكن أن يتمتع بالسراح الشرطي كل سجين محكوم عليه بعقوبة واحدة أو عدة عقوبات سالبة للحرية إذا برهن بسيرته داخل السجن عن ارتداعه أو إذا ما ظهر سراحه مفيدا لصالح المجتمع"
و لا يمنح السراح الشرطي إلا بعد أن يكون السجين قد قضى مدة معينة من السجن حددها الفصل 354 م اج الذي ينص أنه " لا يمكن منح السراح الشرطي إلا للمحكوم عليهم الذين قضوا جزءا من العقاب أو من كامل العقوبات يساوي أو يفوق
أولا: نصف مدة العقاب أو العقوبات بالنسبة للمحكوم عليهم لأول مرة، على أنه ينبغي إن لا تقل مدة العقاب التي قضاها المحكوم عليه عن ثلاثة أشهر.
ثانيا: ثلثي مدة العقاب أو العقوبات بالنسبة للمحكوم عليهم ذوي السوابق العدلية على أنه ينبغي أن لا تقل مدة العقاب التي قضاها المحكوم عليه عن ستة أشهر.
و تكون مدة الإختبار خمسة عشر عاما بالنسبة للمحكوم عليهم بالسجن بقية العمر"
و يجدر التنبيه أن المشرع التونسي يسمح بمنح السراح الشرطي لبعض السجناء بدون أن تتوفر فيهم هذه الشروط و هم المذكورين بالفصل 355 م ا ج
- إذا بلغ المحكوم عليه ستين عاما كاملة من تاريخ سراحه الشرطي
- إذا لم يبلغ المحكوم عليه عشرين سنة كاملة في التاريخ نفسه
- إذا كان مصابا بسقوط خطير أو مرض عضال
إن السراح الشرطي يمنح بقرار من وزير العدل بناء على موافقة لجنة السراح الشرطي
و بعد صدور قانون 29 أكتوبر 2002 أصبح السراح الشرطي يمنح كذلك من طرف قاضي تنفيذ العقوبات، و هو ما سنتعرض له لاحقا عند الحديث عن صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات
* العقوبات البديلة:
إن العقوبات البديلة في التشريع التونسي تتمثل في العمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي . و رغم أن هاتين العقوبتين وقع ذكرهما ضمن العقوبات الأصلية بالفصل 5 م ج إلا أنهما يعتبران عقوبات بديلة.
- العمل لفائدة المصلحة العامة:
حسب الفصل 15 مكرر من المجلة الجزائية ، للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ لمدة أقصاها عام واحد أن تستبدل بنفس الحكم تلك العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و ذلك دون أجر و لمدة لا تتجاوز ستمائة ساعة بحساب ساعتين عن كل يوم سجن او بعقوبة المراقبة الالكترونية.
و قد حدد هذا الفصل جميع الجنح التي تشملها عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و قد اشترط المشرع صلب الفصل 15 ثالثا الشروط اللازمة لاستبدال السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و هي أن يكون المتهم حاضرا بالجلسة و ان يتم عرضه على الفحص الطبي و أن لا يكون عائدا و أن يثبت للمحكمة من خلال ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع جدوى هذه العقوبة للحفاظ على إدماج المتهم في الحياة الاجتماعية، و على المحكمة إعلام المتهم بحقه في رفض استبدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة او بعقوبة المراقبة الالكترونية و تسجيل جوابه .و في صورة الرفض تقضي المحكمة بالعقوبات المستوجبة الأخرى و قد اقتضى الفصل 17 م ج أن العمل لفائدة المصلحة العامة يتم قضائه بالمؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية أو الجمعيات الخيرية و الإسعافية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية و الجمعيات التي يكون موضوعها المحافظة على البيئة.
- التعويض الجزائي
جاء بالفصل 15 رابعا من المجلة الجزائية ما يلي:" تهدف عقوبة التعويض الجزائي إلى إستبدال عقوبة السجن المحكوم بها بتعويض مالي يلزم المحكوم عليه بأدائه لمن ترتب له ضرر شخصي و مباشر من الجريمةو لا يمكن أن يقل مبلغ التعويض عن عشرين دينارا (20 د) و لا أن يتجاوز خمسة آلاف دينار (5000د) و أن تعدد المتضررون
و لا تحول عقوبة التعويض الجزائي دون حق التعويض مدنيا و على المحكمة المتعهدة مراعاة مبلغ التعويض الجزائي عند تقدير التعويض المدني
و يمكن للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ في المخالفات أو بالسجن لمدة أقصاها سنة أشهر بالنسبة إلى الجنح أن تستبدل بنفس الحكم عقوبة السجن المحكوم بها بعقوبة التعويض الجزائي إذا اقتضت ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع ذلك و يشترط للتصريح بعقوبة التعويض الجزائي أن يكون الحكم حضوريا و أن لم يسبق الحكم على المتهم بالسجن أو بعقوبة التعويض الجزائي.
و يتم تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي خلال أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ انقضاء أجل الطعن بالإستئناف في الحكم الإبتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة
كما منع المشرع في نفس الفصل المذكور استبدال عقوبة السجن بعقوبة التعويض الجزائي بالنسبة لبعض الجرائم و ذكرها بصفة حصرية
أما عن متابعة تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي فقد نص الفصل 336 ثالثا م ا ج أنه:" يتولى ممثل النيابة العمومية متابعة تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي. و يسري أجل تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي بداية من تاريخ انقضاء أجل الطعن بالإستئناف في الحكم الجزائي الإبتدائي أو من تاريخ صدور الحكم نهائي الدرجة.."
و يجب الإدلاء لدى ممثل النيابة العمومية بالمحكمة التي أصدرت الحكم القاضي بعقوبة التعويض الجزائي بكتب ثابت التاريخ يثبت تنفيذ العقوبة أو تأمين المبلغ للمحكوم به بعنوان تعويض جزائي في الأجل المذكور بالفصل 15 رابعا من المجلة الجزائية
و في صورة عدم الإدلاء بما يفيد تنفيذ عقوبة التعويض الجزائي في الأجل المذكور بالفصل 15 رابعا من المجلة الجزائية يتولى ممثل النيابة العمومية مباشرة إجراءات تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها
و إذا كان المحكوم عليه موقوفا تتولى النيابة العمومية إعلام السجن بالإذن بالإفراج على المحكوم عليه في صورة الإدلاء بما يفيد عدم حصول الطعن بالاستئناف و تنفيذ مقتضيات الحكم بالتعويض الجزائي في الأجل المحدد قانونا."
3- وسائل التخفيف من وطأة السجن
تتمثل أهم وسائل التخفيف من وطأة السجن في نظام شبه الحرية و نظام تجزئة العقوبة- نظام شبه الحرية:
في التشريع الفرنسي يجوز للقاضي إذا حكم بعقوبة السجن لمدة سنة فأقل أن يقرر تنفيذ السجن المحكوم عليه به وفقا لنظام شبه الحرية، إذا كان لدى المحكوم ما يبرر ذلك أما لممارسة نشاط مهني و إما لتلقي العلم أو تدريب مهني أو الإستمرار في تدريب أو عمل مؤقت بقصد اندماجه في المجتمع و إما لمشاركته الضرورية في حياة أسرته أو لضرورة خضوعه لعلاج طبي
وإذا ما خضع المحكوم عليه لهذا النظام فأنه يجوز له مغادرة المؤسسة العقابية خلال المدة اللازمة لمباشرة نشاطه و لكنه يلتزم بالبقاء في السجن في الفترة الأخرى
- نظام تجرئة العقوبة
في التشريع الفرنسي يجوز للقاضي في مواد الجنح أن يقرر تنفيذ حبس المحكوم عليه إذا كانت مدته لا تجاوز سنة على فترات متقطعة لا تقل كل منها عن يومين و ذلك خلال مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، إذا دعت لذلك اعتبارات جدية ذات طابع طبي أو عائلي أو مهني أو إجتماعي.
*** المبحث الثالث :الإيداع بالمؤسسة السجنية
جاء بالفصل 2 من قانون 14 ماي 2001 أن " السجون أماكن معدة للإيواء الأشخاص المودعين على الوجه المبين بالفصل الرابع من هذا القانون"
و ينص الفصل 4 أنه: " لا يجوز إيداع أي شخص بالسجن إلا بموجب بطاقة إيداع أو بطاقة جلب أو تنفيذا لحكم أو بموجب الجبر بالسجن"
فالإيداع بالسجن لا يتم إلا تنفيذا للبطاقات القضائية، و البطاقات القضائية في القانون التونسي تتمثل في بطاقة جلب أو بطاقة إيداع كما يتم الإيداع تنفيذا لحكم أو بموجب الجبر بالسجن.
1- بطاقة الجلب:
ينص الفصل 78 من مجلة الإجراءات الجزائية أنه:" إذا لم يحضر ذو الشبهة أو كان في حالة من الأحوال المبينة بالفصل 85 جاز لحاكم التحقيق أن يصدر ضده بطاقة جلب و هذه البطاقة تكون مؤرخة و ممضاة و مختومة و يذكر فيها ما يميز ذا الشبهة أتم تمييز. مع بيان موضوع التهمة و النصوص القانونية التي تنطبق عليها كما يضمن بها الإذن لكل عون من أعوان القوة العامة بإلقاء القبض عليه و جلبه أمام حاكم التحقيق.
و إذا لم يتيسر العثور على ذي الشبهة تعرض بطاقة الجلب على محرك أو شيخ مكان إقامته ليضع عليها علامة اطلاعه" .
نستخلص من هذا الفصل أنه يمكن اصدار بطاقة جلب ضد ذوي الشبهة في حالتين :
- حالة عدم حضور ذو الشبهة و ذلك بعد استدعائه ويقع استدعاء ذو الشبهة كما هو مبين بالفصل 68 م ا ج و نصه كالآتي:" إذا كان ذو الشبهة بحالة سراح يستدعي كتابة لاستنطاقه و الاستدعاء يتم بالطريقة الإدارية أو بواسطة العدل المنفذ و هو يحتوي على ما يلي
أولا: إسم ذي الشبهة و لقبه و حرفته و عنوانه
ثانيا: مكان الحضور و تاريخه و ساعته
ثالثا: نوع التهمة
- إذا كان ذو الشبهة في حالة من الأحوال المبنية بالفصل85 م ا ج.
كما تجدر الملاحظة في هذا السياق أنه يمكن أن تحرر بطاقة الجلب يهدف جلب الشاهد، فإذا تم استدعاء شخص بوصفه شاهدا فإذا لم يحضر الشاهد بعد استدعائه فإنه يسوغ لحاكم التحقيق بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية أن يسلط عليه خطية تتراوح بين عشرة دنانير و عشرين دينارا فإذا حضر الشاهد بعد ذلك و أبدى أعذارا مقبولة جاز لحاكم التحقيق أن يعفيه من الخطية بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية، و إذا لم يحضر الشاهد بعد استدعائه مرة ثانية جاز إصدار بطاقة جلب في شأنه (الفصل 61 م أ ج).
إن الهدف من إصدار بطاقة الجلب هو جلب المتهم أو الشاهد إلى قاضي التحقيق و لا يجوز ايداعه المتهم أو الشاهد السجن إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك و لمدة حددها القانون حيث ينص الفصل 79 م ا ج أنه " على حاكم التحقيق في صورة احضار ذي الشبهة بمقتضى بطاقة جلب أن يستنطقه في أجل لا يتجاوز ثلاثة أيام من تاريخ إيداعه السجن.
و بإنقضاء هذا الأجل يقدم كبيير حراس السجن ذا الشبهة إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب من حاكم التحقيق مباشرة استنطاقه حالا
و في صورة ما إذا امتنع حاكم التحقيق من مباشرة الإستنطاق أو تعذر عليه ذلك يتولى الإستنطاق رئيس المحكمة أو الحاكم الذي يعينه و إذا لم يقع هذا الإستنطاق يأمر وكيل الجمهورية بالإفراج حالا عن ذي الشبهة."
و بناء عليه فلا يمكن إبقاء ذو الشبهة أو الشاهد موقوفا أكثر من المدة التي حددها الفصل 79 م ا ج المذكور.
2- بطاقة الإيداع
جاء بالفصل 80 م ا ج أن "لحاكم التحقيق بعد استنطاق ذي الشبهة أن يصدر بطاقة إيداع في السجن بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية و ذلك إذا كانت الفعلة تستوجب عقابا بالسجن أو عقابا أشد" .
و إذا كان قرار حاكم التحقيق مخالفا لطلبات وكيل الجمهورية جاز لهذا الأخير أن يطعن فيه بطريقة الإستئناف لدى دائرة الإتهام قبل مضي أربعة أيام من تاريخ اطلاعه على ذلك القرار الذي يتحتم إنهاؤه إليه فورا"
و تسمح بطاقة الإيداع لحاملها الإستنجاد بالقوة العامة و إجراء التفتيش اللازم و وضع المتهم بالسجن على ذمة التحقيق حيث جاء بالفصل 81 م ا ج أن " بطاقة الإيداع يحررها حاكم التحقيق و يؤرخها و يمضيها و يختمها و يذكر بها في وضوح اسم وصفة هذا الحاكم و إسم ذي الشبهة و عمره التقريبي و حرفته و مكان ولادته و محل إقامته و موضوع التهمة مع بيان النص القانوني المنطبق و تتضمن الأمر الصادر من الحاكم إلى كبير حراس السجن بقبول المتهم و اعتقاله و يعلم ذو الشبهة بها ثم يقع تنفيذها حالا
و لحامل بطاقة الإيداع الحق :
أولا: في الإستنجاد بالقوة العامة
ثانيا: في إجراء التفتيش طبق أحكام القانون للعثور على ذي الشبهة في مكان يغلب على الظن وجوده فيه و يحرر في التفتيش محضر" .
يجدر التنبيه أن السلطة القضائية الأصلية المختصة في إصدار بطاقة الإيداع هو قاضي التحقيق، إلى جانب ذلك توجد سلطات قضائية مخول لها إصدار بطاقة الإيداع بصفة ثانوية و تتمثل في دائرة الإتهام (الفصل 117 م ا ج) و كذلك المحكمة ( الفصول 88 و 142 و 169 و 202 من مجلة الإجراءات الجزائية) و وكيل الجمهورية (الفصل 34 م ا ج و الفصل 206 ثالث م ا ج).
و يعتبر الإيقاف التحفظي من آثار إصدار بطاقة الإيداع، و الإيقاف التحفظي هو وسيلة استثنائية بصريح الفصل 84 م ا ج، و يبقى المحتفظ به طيلة مدة الإيقاف متمتعا بقرينة البراءة التي نص عليها الفصل 27 من دستور الجمهورية التونسية 2014 الذي ينص أن " المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تكفل له فيها جميع ضمانات الدفاع في أطوار التتبع و المحاكمة ".
كما جاء بالفصل 29 من الدستور أنه " لا يمكن إيقاف شخص أو الاحتفاظ به إلا في حالة التلبس أو بقرار قضائي و يعلم فورا بحقوقه و بالتهمة المنسوبة إليه و له أن ينيب محاميا. و تحدد مدة الإيقاف و الإحتفاظ بقانون ".
و ينص الفصل 85 م ا ج من الفقرة الأولى أنه: "يمكن إيقاف المظنون فيه إيقافا تحفظيا في الجنايات و الجنح المتلبس بها و كذلك كلما ظهرت قرائن قوية تستلزم الإيقاف باعتباره وسيلة أمن يتلافى بها اقتراف جرائم جديدة أو ضمانا لتنفيذ العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث ".
فالإيقاف التحفظي يكون في حالتين:
*الحالة الأولى:
في الجنايات و الجنح المتلبس بها و قد بين لنا الفصل 33 م ا ج حالات التلبس إذ ينص كما يلي: " تكون الجناية أو الجنحة متلبسا بها :
أولا: إذا كانت مباشرة الفعل في الحال أو قريبة من الحال
ثانيا: إذا طارد الجمهور ذا الشبهة صائحا وراءه أو وجد هذا الأخير حاملا لأمتعة أو وجدت به آثار أو علامات تدل على احتمال إدانته بشرط وقوع ذلك في زمن قريب جدا من زمن وقوع الفعلة. و تشبه الجناية أو الجنحة المتلبس بها كل جناية أو جنحة اقترفت بمحل سكنى استنجد صاحبه بأحد مأموري الضابطة العدلية لمعاينتها و لو لم يحصل ارتكابها في الظروف المبينة بالفقرة السابقة " .
* الحالة الثانية:
إذا ظهرت قرائن قوية تستلزم الإيقاف باعتباره وسيلة أمن يتلافى بها اقتراف جرائم جديدة أو ضمانا لتنفيذ
العقوبة او طريقة توفر سلامة سير البحث .
وقد حدد المشرع صلب الفقرة الثانية و الثالثة من الفصل 85 م اج المذكور مدة الإيقاف التحفظي:
".... و الإيقاف التحفظي في الحالات المنصوص عليها بالفقرة السابقة لا يجوز أن يتجاوز الستة أشهر و يكون قرار الإيقاف التحفظي معللا يتضمن الأسانيد الواقعية و القانونية التي تبرره.
و إذا إقتضت مصلحه البحث إبقاء المظنون فيه بحالة إيقاف يمكن لقاضي التحقيق بعد أخذ رأي وكيل العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث.الجمهورية و بمقتضى قرار معلل تمديد فترة الإيقاف بالنسبة إلى الجنحة مرة واحدة لا تزيد مدتها على ثلاثة أشهر و بالنسبة إلى الجناية مرتين لا تزيد مدة كل واحدة على أربعة أشهر.
و القرار القاضي بما ذكر قابل لللإستئناف " .
-بالنسبة للجنحة فمدة الإيقاف لا يجوز أن تتجاوز الستة أشهر و في حالة التمديد فإن الأجل الأقصى لا يمكن أن يتجاوز مدة التسعة أشهر.
- بالنسبة للجناية فمدة الإيقاف لا يجوز أن تتجاوز الستة أشهر و في حالة التمديد فإن الأجل الأقصى لا يمكن أن يتجاوز الأربعة عشر شهرا .
3- الإيداع تنفيذا لحكم
إن الحكم ليكون سندا قانونيا للإيداع بالسجن يجب ان يكون حكما جزائيا قاضيا بالإدانة و أن يكون هذا الحكم باتا أي أحرز على قوة ما اتصل به القضاء.
و يبين لنا الفصل 15 م ج كيفية احتساب تنفيذ عقوبة السجن حيث ينص انه" يبتدئ احتساب تنفيذ عقوبة السجن من تاريخ إيداع المحكوم عليه بموجب حكم بات لكن إذا سبق الإحتفاظ به أو إيقافه تحفظيا فإن المدة المقضاة بتمامها تطرح عليه من المدة المحكوم بها إلا إذا نص الحكم على عدم طرحها كلا أو بعضا."
و هو ما أكد عليه الفصل 40 من قانون 14 ماي 2001 الذي ينص أنه "يقع احتساب مدة الحكم على أساس أن اليوم أربع و عشرون ساعة و الشهر ثلاثون يوما و السنة ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و يبتدئ كل عقاب بالسجن من اليوم الذي أودع فيه المحكوم عليه لكن إذا سبق الإحتفاظ به فإن كامل المدة تطرح من المدة المحكوم بها ما لم تصرح المحكمة بخلاف ذلك."
و قد اعترف المشرع التونسي لكل شخص تم إيقافه تحفظيا أو حكم عليه بالسجن و تثبت برائته بالحق في التعويض حيث صدر القانون عدد 94 لسنة 2002 مؤرخ في 29 أكتوبر 2002 يتعلق بالتعويض للموقوفين و المحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم حيث جاء بالفصل الأول منه أنه:" يمكن لكل من أوقف تحفظيا أو نفذت عليه عقوبة السجن مطالبة الدولة بالتعويض عن الضرر المادي و المعنوي الذي لحقه من جراء ذلك في الأحوال التالية :
-إذا صدر في شأنه قرار يحفظ التهمة أما لأن الفعلة لا تتألف منها جريمة أو لأنه لا وجود لها أصلا أو لأنه لا يمكن نسبيتها إلى المتهم
-إذا صدر ضده حكم بالسجن ثم ثبتت براءته بوجه بات للأسباب المذكورة أعلاه
-إذا صدر ضده حكم في موضوع سبق أن اتصل به القضاء ".
و أشترط القانون أن يرفع طلب التعويض خلال أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ صيرورة القرار أو الحكم المحتج به باتا و إلا سقط الحق ( الفصل 3 ) و تختص محكمة الإستئناف بتونس بالنظر في مطالب التعويض (الفصل 5) و الحكم الصادر عن محكمة الإستئناف قابل للطعن أمام محكمة التعقيب في ظرف عشرين يوما بداية من تاريخ الإعلام به (الفصل 8 ).
4- الإيداع بموجب الجبر بالسجن:
إن الحكم بعقوبة مالية (الخطية) تستوجب من المحكوم عليه أن يدفع لخزينة الدولة مبلغا محددا من المال.
و جاء بالفصل 343 م ا ج أنه :" تستخلص الخطية و المصاريف لصندوق الدولة من مكاسب المحكوم عليه و عند الإقتضاء عن طريق الجبر بالسجن أو العمل لفائدة المصلحة العامة بطلب من المعني بالأمر يقدم للنيابة العامة"
و ينفذ الجبر بالسجن بحساب يوم واحد عن كل ثلاثة دنانير أو جزء الثلاثة دنانير على أن لا تزيد مدته على عامين (الفصل 344 م ا ج ) .
إلا أن الجبر بالسجن لا يشمل المسؤول مدنيا و القائم بالحق الشخصي و المحكوم عليهم الذين سنهم دون ثمانية عشر عاما كاملة وقت ارتكابهم لللأفعال التي استلزمت التتبع و المحكوم عليهم الذين دخلوا سن السبعين و الزوج و الزوجة في آن واحد و لو بالنسبة لإستخلاص مبالغ ناتجة عن محاكمات مختلفة( الفصل 345 م ا ج).
و يمكن أن يقع الحط من مدة الجبر بالسجن إلى النصف و يمكن أن تستبدل هذه المدة ما لم تتجاوز عام واحد بالعمل لفائدة المصلحة العامة بطلب من المحكوم عليه و ذلك في الصور التي حددها الفصل 346 م ا ج كما يلي:
-إذا أدلى المحكوم عليه بشهادة فقر صادرة عن والي الجهة التي بها محل إقامته الاعتيادي تثبت عجزه عن الوفاء.
-إذا دخل المحكوم عليه سن الستين.
و هذان السببان لا يمكن الجمع بينهما.
و الجدير بالملاحظة أن الجبر بالسجن لا يعتبر بديلا للعقوبة المالية حيث نص الفصل 348 م ا ج صراحة أنه " لا تبرأ ذمة المحكوم عليه الذي قضى مدة جبر بالسجن أو بالعمل لفائدة المصلحة العامة من المبالغ المحكوم بها عليه"
إن السجين عند إيداعه السجن يقع تعريفه بمقتضيات النصوص القانونية و الترتيبية التي يخضع لها بالسجن و يتم ذلك مشافهة بالنسبة إلى الأميين و الأجانب بما يكفل علمهم بمضمونها (الفصل 12 من قانون 14 ماي 2001) كما يقع عرض السجين بمجرد إيداعه على طبيب السجن و إذا اتضح أنه مصاب بمرض معد يتم عزله بجناح مخصص للغرض (الفصل 13) و يتعين على مدير السجن مسك دفتر مرقم و مختوم من قبل رئيس المحكمة الإبتدائية المختص ترابيا لتسجيل هوية كل سجين و موجب إيداعه و السلطة القضائية التي صدر عنها الإذن و يوم و ساعة الإيداع و الخروج (الفصل 11).
*** المبحث الرابع: تصنيف السجناء
إعتمد التشريع العقابي التونسي نوعان من السجون، السجون المغلقة و السجون شبه المفتوحة،
السجون المغلقة و تتمثل في سجون الإيقاف و تأوي الأشخاص الموقوفين تحفظيا و سجون التنفيذ و تأوي الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية أو بعقوبة أشد
السجون شبه المفتوحة و تأوي الأشخاص المحكوم عليهم من أجل الجنح و المؤهلين في العمل الفلاحي.
كما اعتمد المشرع التونسي النظام الجماعي حيث جاء بالفصل 10 فقرة 2 من أمر 4 نوفمبر 1988 أنه: " و يكون نظام الإقامة بالحبس الجماعي بالليل و النهار على أنه يمكن كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك أو أمن و سلامة السجين عزله في غرفة تتوفر فيها الضروريات الأساسية و الصحية على أنه إن تعذر عزله منفردا يمنع جمع سجينين في غرفة واحدة " .
فالنظام الجماعي يتيح المساجين للإختلاط الكلي في أماكن العمل و الطعام و النوم و تبادل الحديث فيما بينهم.
إن النضام السجني المعتمد في القانون التونسي هو النظام الجماعي،أما النظام الإنفرادي فلا يتم إلا في حالات استثنائية:
- كلما إقتضت مصلحة التحقيق ذلك أو أمن و سلامة السجين
- العزل كعقوبة تأديبية حيث يتعرض السجين الذي يخل بأحد واجباته " بالإيداع بغرفة انفرادية تتوفر فيها المرافق الصحية و ذلك لمدة أقصاها عشرة أيام بعد أخذ رأي طبيب السجن و يكون خلالها تحت رقابة الطبيب الذي يمكن له طلب مراجعة هذا الإجراء لأسباب صحية" (الفصل 22 سابعا من قانون 14 ماي 2001)
- العزل وقاية من الأمراض المعدية، حيث جاء بالفصل 13 فقرة أولى من قانون 14 ماي 2001 أنه " يقع عرض السجين بمجرد إيداعه على طبيب السجن و إذا اتضح أنه مصاب بمرض معد يتم عزله بجناح مخصص للغرض ."
و يعتبر التصنيف من أهم أساليب التفريد العقابي، حيث يتم تصنيف المساجين ضمن مجموعات حسب معايير مدروسة و يخصص لكل مجموعة برامج معاملة عقابية معينة.
و قد أشار الفصل 6 من قانون 14 ماي2001 المعايير المعتمدة لتصنيف المساجين إذ ينص أنه " يقع تصنيف المساجين بمجرد إيداعهم على أساس الجنس و السن و نوع الجريمة و الحالة الجزائية بحسب ما إذا كانوا مبتدئين أو عائدين"
1- معيار السن:
يتم بموجب هذا المعيار الفصل بين الأطفال الجانحين و البالغين و المقصود بالطفل حسب مجلة حماية الطفل هو كل إنسان عمره اقل من ثمانية عشر عاما ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة ( الفصل 3 ).
و يضبط سن الطفل بالرجوع إلى تاريخ اقتراف الجريمة (الفصل 72 م ح ط) أما إذا كان سن المتهم غير محققة فالقاضي الذي ينظر في الجريمة المنسوبة إليه هو الذي يقدر سنه (الفصل 46 م ج).
و يتمتع الطفل بحماية قانونية خاصة حيث جاء بالفصل 68 م ح ط أنه:" يتمتع الطفل الذي لم يبلغ سنه ثلاثة عشر عاما بقرينة غير قابلة للدحض على عدم قدرته على خرق القوانين الجزائية و تصبح هذه القرينة بسيطة إذا ما تجاوز الثلاثة عشر عاما و لم يبلغ بعد الخامسة عشرة"
كما لا يحال الأطفال الذين سنهم بين الثلاثة عشر و الثمانية عشر عاما المنسوبة إليهم مخالفة أو جنحة أو جناية على المحاكم الجزائية العادية و إنما يرجعون بالنظر لقاضي الأطفال أو محكمة الأطفال (الفصل 71 م ح ط )
و يتمتع الطفل بحماية عند تطبيق القانون الجزائي عليه إذ ينص الفصل 43 م ج أنه " يقع تطبيق القانون الجزائي على المتهمين الذين سنهم أكثر من ثلاثة عشر عاما كاملة و أقل من ثمانية عشر عاما كاملة.
لكن إذا كان العقاب المستوجب هو الإعدام أو السجن بقية العمر فيعوض ذلك العقاب بالسجن مدة عشرة أعوام
و إذا كان العقاب المستوجب هو السجن لمدة معينة تحط مدته إلى النصف على أن لا يتجاوز العقاب المحكوم به الخمسة أعوام
و لا تطبق العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالفصل 5 من هذه المجلة و كذلك قواعد العود"
و بصفة استثنائية يقع تسليط عقوبة جزائية على الطفل بناء على ملفي الواقعة و الشخصية و في هذه الصورة يقضي العقاب بمؤسسة ملائمة و مختصة.
فالمعاملة العقابية للطفل الجانح تقتضي أن يودع بمؤسسة إصلاحية و لكن قد يقتضي الأمر إيداعه بالسجن و في هذه الحالة يودع بجناح خاص بالأطفال و هذا ما أكد عليه الفصل 10 من قانون 14 ماي 2001 الذي ينص أنه " إذا اقتضى الأمر إيداع الطفل بالسجن فإنه يودع بجناح خاص بالأطفال مع وجوب فصله ليلا عن بقية المساجين من الكهول
و يعتبر طفلا كل شخص لم يتجاوز عمره الثمانية عشر عاما عند إيداعه السجن و إلى غاية بلوغه السن المذكورة"
2- الحالة الجزائية:
يقتضي الفصل 6 من قانون 14 ماي 2001 الفصل بين المبتدئين و العائدين لأن الإختلاط الذي يقع بين المحكوم عليهم المبتدئين و المحكوم عليهم العائدين ينتج عنه عواقب وخيمة أهمها تعليم المجرمين الكبار أساليب الإجرام للمجرمين الصغار و هو ما يعرف بعدوى الإجرام.
كما يفرق المشرع التونسي بين الموقوفين تحفظيا و المحكوم عليهم حيث أفراد الموقوفين تحفظيا سجون خاصة عرفها المشرع بسجون الإيقاف و حتى إذا اقتضى الأمر إيداع الموقوفين تحفظيا و المحكوم عليهم بسجن واحد فإن الفصل 3 من قانون 14 ماي 2001 أشار " على أنه يجب التفريق في كل الحالات داخل السجون بين الموقوفين تحفظيا و المحكوم عليهم".
3- معيار الجنس:
حسب هذا المعيار يقع التفريق بين النساء و الرجال حيث ينص الفصل 7 من القانون 14 ماي 2001 أنه "يتم إيداع السجينات أما بسجن النسوة أو بأجنحة منعزلة ببقية السجون و تقوم بحراستهن حارسات تعملن تحت إشراف مدير السجن و لا يجوز لمدير السجن دخول جناح النسوة أو ورشة التكوين و الإنتاج إلا مصحوبا بحارسة و عند التعذر بعونين".
و تتمتع السجينة الحامل أو المرضع بوضعيه خاصة، حيث جاء بالفصل 7 مكرر الذي أضيف بموجب القانون عدد 58 لسنة 2008 مؤرخ في 4 أوت 2008 يتعلق بالأم السجينة الحامل و المرضع:" يتم إيداع الأم السجينة الحامل أو المرضع طيلة فترة الحمل و الرضاعة بفضاء خاص محدث للغرض تتوفر فيه الرعاية الصحية و النفسية و الاجتماعية للأم و الطفل.
و تتولى حراسة الفضاء المذكور حارسات يعملن بالزي المدني"
و بذلك يقع فصل السجينة الحامل أو المرضع عن بقة السجينات طيلة فترة الحمل و الرضاعة.
و لكي يولد ابن السجينة في ظروف ملائمة فقد اقتضى الفصل 8 من قانون 14 ماي 2001 أنه " تتمتع السجينة الحامل بالرعاية الطبية فبل الولادة و بعدها و تتخذ الترتيبات لجعل الأطفال يولدون بمؤسسة استشفائية خارج السجن.
و إذا ولد الطفل بالسجن يحجر التنصيص بدفاتر الحالة المدنية و رسومها و النسخ المستخرجة منها على وقوع الولادة بالسجن"
أما إذا كانت السجينة أما ولها طفل فيتم قبول الطفل المصاحب لها حيث جاء بالفصل 9 من قانون 14 ماي 2001 أنه "يتم قبول الأطفال المصاحبين لأمهاتهم السجينات عند إبداعهن بالسجن إلى سن الثالثة من عمرهم.
و يخضع لنفس النظام الأطفال المولودون خلال قضاء أمهاتهم لعقوبة السجن و إذ بلغ الطفل سن الثلاثة أعوام يقع تسليمه لوالده أو لشخص تختاره الأم و عند التعذر تتولى إدارة السجن إعلام قاضي تنفيذ العقوبات الذي يعهد بذلك إلى قاضي الأسرة المختص ترابيا للإذن بالإجراء المناسب إزاء الطفل."
و يخضع الطفل المصاحب لأمه للكشف الطبي و توفر له إدارة السجن مستلزمات النظافة و الغذاء إلى جانب الخدمات الطبية والوقائية و تنسحب نفس الإجراءات على الطفل المولود خلال قضاء أمه لعقوبة السجن (الفصل 13 فقرة 2 من قانون 14 ماي 2001).
*** المبحث الخامس: الأهلية القانونية للسجين
عند إيداع المحكوم عليه السجن بمقتضى حكم بات، فإن هذا المحكوم عليه يصبح سجينا مسلوب الحرية. ووضعيته القانونية كسجين تؤثر حتما على أهلية الأداء لديه.
المقصود بأهلية الأداء هي صلاحية مباشرة التصرفات القانونية
هذه الأهلية تصبح مقيدة و تخضع لشروط و ضوابط حددها القانون
فأهلية السجين تختلف فيما إذا كان هناك تحجير قانوني أو في حالة عدم وجود تحجير قانوني.
1- حالة وجود تحجير قانوني:
إذا وجد تحجير قانوني فإن السجين يفقد صلاحية مباشرة تصرفاته القانونية بنفسه و لحسابه و يكون السجين تحت قيد الحجر في صورة إذا صدر ضده حكم من أجل جناية واحدة بالسجن لمدة تتجاوز عشرة أعوام حيث ينص الفصل 30 م ج أنه:" يكون حتما تحت قيد الحجر كل محكوم عليه من أجل جناية واحدة بالسجن لمدة تتجاوز عشرة أعوام من تاريخ الحكم عليه إلى اتمام مدة عقابه. و يعين له مقدم للقيام بإدارة مكاسبه و لا يمكنه التصرف فيها إلا بالإيصاء كما لا يمكنه قبض أي مبلغ و لو جزئي من مداخيلها.
و ترجع له مكاسبه عند انقضاء مدة عقابه و يحاسبه حينئذ المقدم على تصرفه مدة تقديمه"
و بناء عليه إذا صدر حكم بعقوبة سالبة للحرية لمدة تتجاوز عشرة أعوام، فإن السجين يصبح محجورا عليه بسبب ذلك الحكم و بفقد حريته في إدارة مكاسبه المالية و يعين قاضي التقاديم مقدما يتولى إدارة مكاسب السجين طيلة مدة إقامته بالسجن.
2- حالة عدم وجود تحجير قانوني:
إذا كانت العقوبة المحكوم بها لا تتجاوز العشرة أعوام، فلا يوجد تحجير قانوني، و بناء عليه يجوز للسجين إبرام العقود و لكن بشروط حددها القانون.
حيث جاء بالفصل 77 من أمر 4 نوفمبر 1988" يمكن للسجين إبرام العقود المتأكدة و ذلك بترخيص مسبق من المحكمة ذات النظر بالنسبة للموقوفين تحفظيا و من الإدارة العامة للسجون و الإصلاح بالنسبة للمحكوم عليهم إن لم يكن هناك تحجير قانوني , و يتم العقد داخل السجن و حسب الإجراءات القانونية."
و هذا ما أكد عليه الفصل 18 فقرة 6 من قانون 14 ماي 2001 حيث سمح بإبرام السجين للعقود المتأكدة ما لم يكن هناك تحجير قانوني و ذلك بعد الترخيص من الجهة القضائية المتعهدة بالنسبة إلى الموقوف تحفظيا أو المحكوم عليه بحكم غير بات و من الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح بالنسبة إلى المحكوم عليه بحكم بات.
الفقرة الأولى: حماية السجين من العنف و التعذيب:
إن السياسة الجزائية الحديثة تقتضي أن يقع التعامل مع السجين معاملة انسانية بدون تعنيفه أو الإعتداء عليه أو تعذيبه و ذلك لسببين رئيسيين:
أولا:لأن السجين هو إنسان، و إذا كان قد سلبت منه حريته بحكم عقوبة السجن فإنه يحافظ على انسانيته و كرامته داخل السجن و قد جاء بالفصل 23 من الدستور " تحمي الدولة كرامة الذات البشرية و حرمة الجسد و تمنع التعذيب المعنوي و المادي و لا تسقط جريمة التعذيب بالتقادم".
ثانيا:إن تنفيذ عقوبة السجن، تستلزم أحداث برامج تأهيل و تهذيب للسجين لإدماجه من جديد في المجتمع، و برامج التأهيل هذه لا يمكنها أن تحقق النتائج المرجوة إلا إذا وقع التعامل مع السجين معاملة انسانية تصون كرامته، جاء بالفصل 30 من الدستور " لكل سجين الحق في معاملة انسانية تحفظ كرامته.
تراعي الدولة في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية مصلحة الأسرة، و تعمل على إعادة تأهيل السجين و إدماجه في المجتمع"
و ينص الفصل 5 من قانون 14 ماي 2001 أنه " يتولى أعوان السجون المحافظة على الإنضباط و النظام داخل السجن و يجب عليهم عدم استعمال القوة إلا بالقدر الكافي الضروري للحفاظ على سلامتهم و سلامة المساجين و ضمان أمن السجن".
نستنتج من هذا الفصل انه لا يحق لأعوان السجون الإفراط في استعمال القوة حتى لا يقع الإعتداء بالعنف على المساجين أو تعذيبهم .
و لقد جرم الفصل 101 م ج الإعتداء بالعنف المرتكب من طرف الموظف العمومي إذ ينص أنه " يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام و بخطية قدرها مائة و عشرون دينارا الموظف العمومي أو شبهه الذي يرتكب بنفسه أو بواسطة الإعتداء بالعنف دون موجب على الناس حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها"
كما جرم المشرع التونسي التعذيب بالفصل 101 مكرر م ج الذي يقتضي أنه:" يقصد بالتعذيب كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أو معنويا يلحق عمدا بشخص ما بقصد التحصيل منه أو من غيره على معلومات أو إعتراف بفعل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو غيره.
و يعد تعذيبا تخويف أو إزعاج شخص أو غيره للحصول على ما ذكر
و يدخل في نطاق التعذيب الألم أو العذاب أو التخويف أو الإرغام الحاصل لأي سبب من الأسباب بدافع التمييز العنصري
و يعتبر معذبا الموضف العمومي أو شبهه الذي يأمر أو يحرض أو يوافق أو يسكت عن التعذيب أثناء مباشرته لوظيفه أو بمناسبة مباشرته له.
ولا يعتبر تعذيبا الألم الناتج عن عقوبات قانونية أو المترتبة عنها أو الملازم لها".
و ينص الفصل 101 ثانيا أنه:" يعاقب بالسجن مدة ثمانية أعوام و بخطبة قدرها عشرة آلاف دينار الموظف العمومي أو شبهه الذي يرتكب الأفعال المنصوص عليها بالفصل 101 مكرر من هذه المجلة و ذلك حال مباشرته لوظيفه أو بمناسبة مباشرته له
و يرفع العقاب بالسجن إلى اثني عشر عاما و بخطية قدرها عشرون ألف دينار إذ نتج عن التعذيب بتر عضو أو كسر أو تولدت عنه إعاقة دائمة.
و يكون العقاب بالسجن مدة عشرة أعوام و بخطية قدرها عشرون ألف دينار إذا سلط التعذيب على طفل.
و يرفع العقاب إلى ستة عشر عاما و الخطية إلى خمسة و عشرين ألف دينار إذا تولد عن تعذيب طفل بتر عضو أو كسر أو إعاقة دائمة.
و كل تعذيب نتج عنه موت يستوجب عقابا بالسجن بقية العمر دون أن يمنع ذلك من تطبييق العقوبات الأكثر شدة المقررة للاعتداءات على الأشخاص إن اقتضى الحال ذلك".
الفقرة الثانية: الرعاية الصحية:
ليعيش السجين في ظروف صحية سليمة، من المفروض أن يقيم في محيط سليم و نظيف و إن لا يحرم من الرياضة و الفسحة اليومية و أن يتمتع بالعلاج و الغذاء الصحي.
الغرفة التي يقيم فيها السجين يجب أن تكون مساحتها ملائمة لتتسع لعدد معين من السجناء و حتى نتجنب ظاهرة اكتظاظ السجون كما يجب أن تكون هذه الغرف ذات تهوئة و إضاءة كافيتين إذ ينص الفصل 15 من قانون 14 ماي 2001 " يودع السجناء بغرف ذات تهوئة وإضاءة كافيتين و تتوفر فيها المرافق الصحية الضرورية كما توفر إدارة السجن لكل سجين عند إيداعه فراشا فرديا و ما يلزمه من غطاء".
و لكن قانون السجون لم يتحدث عن مساحة الغرف كما لم يشر إلى أن تناول الطعام يكون في غرف خاصة إذ يبدو أن أماكن النوم هي نفسها أماكن الأكل.
أما عن النظافة فقد أشار الفصل 17 من قانون 14 ماي 2011 بأن لكل سجين الحق في توفير مستلزمات الحلاقة و النظافة وفق التراتيب الجاري بها العمل. و كذلك الإستحمام مرة على الأقل في الأسبوع أو وفق تعليمات طبيب السجن.
كما جاء بالفصل 32 من أمر 1988 أنه " يبادر السجين في صبيحة كل يوم و فور النهوض من النوم بتنظيف مظهره بواسطة المواد الأساسية للنظافة المتوفرة له من طرف إدارة السجن أو التي اقتناها من مغازة التزويد أو من طرف ذويه"
أما عن الرياضة و الفسحة اليومية، فقد أشار الفصل 19 من قانون 14 ماي 2001 أنه يحق للسجين الخروج للفسحة اليومية بما لا يقل عن ساعة (الفقرة 4) و تعاطي الأنشطة الفكرية و الرياضية طبق الإمكانيات المتاحة و تحت إشراف موظف مختص تابع لإدارة السجن (الفقرة 5).
يتمتع السجين بحق العلاج، فالسجين يقع عرضه بمجرد إيداعه على طبيب السجن و إذا اتضح أنه مصاب بمرض معد يتم عزله بجناح مخصص للغرض ( الفصل 13 من قانون 14 ماي 2001) كما يتمتع كل سجين بمجانية المعالجة و الدواء داخل السجن و عند التعذر بالمؤسسات الإستشفائية بإشارة من طبيب السجن (الفصل 17 فقرة 2).
كما يسمح للسجين بعد الترخيص من الإدارة العامة للسجون و الإصلاح و عند التعذر و التأكد من حالته الصحية في المعالجة على نفقته الخاصة بالمصحات الحرة بتراب الجمهورية ( الفصل 43 من أمر 1988)
أما عن النظام الغذائي للسجين فالفصل 27 من أمر 1988 اقتضى أنه" تقدم للسجين وجبتان غذائيتان أساسيتان ذات قيمة غذائية كافية الأولى عند الزوال و الثانية في المساء.
و يقع تمكين السجين العامل بإحدى الورشات أو الحضائر السجنية من وجبة غذائية إضافية صبيحة كل يوم عمل. كما يقع تمكين السجين المريض من الغذاء الموصوف من طرف طبيب السجن."
مع العلم أن التغذية في السجن مجانية (الفصل 17 فقرة أولى من قانون 14 ماي 2011)
و يسمح للسجين بتلقي قفة المؤونة من عائلته كما يسمح له بإقتناء بعض حاجياته من مواد غذائية من مغازة التزويد الموجودة بالسجن
الفقرة الثالثة: الرعاية التربوية و الإجتماعية و الأخلاقية:
هذه الرعاية تتمثل في الرعاية النفسية و الإجتماعية و التهذيب و التعليم و التثقيف من أجل حفظ التوازن النفسي للسجين و تأهيله لأن يكون عنصرا صالحا في المجتمع بعد خروجه من السجن.
أ- الرعاية النفسية و الإجتماعية:
لقد نص الفصل الأول من قانون 14 ماي 2001 في فقرته الثانية على ما يلي:
".. و يتمتع السجين على هذا الأساس بالرعاية الصحية و النفسية"
لقد حرصت السياسة العقابية الحديثة على الإستعانة بالمختصين في علم النفس في الوسط السجني و من بين أهم مهام هؤلاء المختصين هو إجراء المحادثات النفسية مع المساجين للحد من أثار صدمة الإيداع بالسجن و تهيئتهم على تقبل الإقامة بالمؤسسة السجنية على أساس كونها ليست فقط فضاء لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية و إنما هي فضاء للتهذيب و الإصلاح.
و كذلك دراسة حالة المساجين الذين يعانون من أزمات أو إضطرابات نفسية تؤدي بهم إلى الإضراب عن الطعام أو الإعتداء على الذات و هم عادة المساجين المحكوم عليهم بممدة طويلة.
كما أشار المشرع التونسي إلى أن لجنة تأديب المساجين يمكنها دعوة المكلف بالعمل النفساني لإبداء رأيه.
أما عن الرعاية الإجتماعية، فتتمثل في تقديم خدمات إجتماعية للسجين منذ إيداعه بالسجن فمنذ استقبال السجين " يتعين على إدارة السجن إعلام أحد أصول أو فروع أو أخوة أو زوج السجين حسب إختياره ، و ذلك بمجرد الإيداع و كلما تم نقله من سجن إلى آخر’ كما يتعين على كل سجين الإدلاء عند إيداعه السجن بإسم و عنوان الشخص الذي يمكن الإتصال به عند حدوث طارئ له" .(الفصل 14 من قانون 14 ماي 2001).
و حفاظا على الروابط العائلية و الإجتماعية فقد نص الفصل 38 من قانون 14 ماي 2001 أنه:
"تتولى الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح تخصيص مكتب بكل سجن لمصالح الإرشاد الإجتماعي و تتمثل مهمة أعوانها في ربط الصلة بين المساجين و عائلاتهم و مساعدتهم على حل مشاكلهم حفاظا على الروابط العائلية و الإجتماعية"
ب- التهذيب:
إن السياسة العقابية الحديثة تعتبر أن التهذيب قد يعتبر أفضل طريقة لعلاج النفسية المعادية للقيم الإجتماعية و الخلقية، و ينقسم التهذيب إلى تهذيب ديني و تهذيب أخلاقي
-التهذيب الديني:
الدين ينهي عن الفحشاء و المنكر و يساهم في استئصال عامل الإجرام لدى المساجين إذا كان إجرامهم يعود إلى نقص في الوازع الديني و القيم الدينية و جاء بالفصل 57 من أمر 4 نوفمبر 1988 أنه " يمكن لرجال الديانات المرخص لهم من طرف اإدارة العامة للسجون و الإصلاح زيارة المساجين و إقامة الطقوس الدينية
و تقع هذه الزيارة بمكتب معد للغرض و بمحضر أحد أعوان السجن".
كما نص الفصل 65 من نفس الأمر أنه" تنظم لفائدة المساجين برامج للإرشاد الديني و الأخلاقي بواسطة وعاض مختصين أو بواسطة الإطار التربوي التابع للإدارة العامة للسجون و الإصلاح".
-التهذيب الأخلاقي:
يبدو أن المشرع التونسي قد مزج بين التهذيب الديني و الأخلاقي و ذلك في إطار الفصل 65 من أمر 4 نوفمبر 1988 المذكور و مع ذلك تجدر إشارة إلى أهمية التهذيب الأخلاقي ضمن الفصل 58 فقرة 2 من أمر 4 نوفمبر 1988 " تعديل اتجاهات و ميول السجين الإنحرافية و إبدالها اتجاهات اجتماعية سليمة" و ضمن الفصل 37 فقرة 2 من قانون 14 ماي 2001" تعديل سلوكه الإنحرافي".
و جدير بالذكر بأن تعديل السلوك الإنحرافي للسجين لا يكون إلا بإقناعه بالقيم الأخلاقية المتمثلة في الإستقامة و الصدق و الإخلاص في إنشاء مجتمع سليم خال من مظاهر الإجرام.
ج- التعليم و التثقيف:
أغلب الإحصائيات أثبتت أن معظم المساجين يعانون من مستوى تعليمي منعدم أو ضعيف و أكد علماء الإجرام أنه توجد علاقة متينة بين الأمية و ضعف المستوى الثقافي و الجريمة، فالتعليم و التثقيف يعد وسيلة ناجعة للتقليص من انتشار الظاهرة الإجرامية.
- التعليم:
جاء بالفصل 58 من أمر 4 نوفمبر 1988 فقرة 3 " تأهيل السجين اجتماعيا داخل السجن و استثمار طاقته الفكرية و البدنية و ذلك بإعداده و تدريبه مهنيا و مساعدته على التعلم بالنسبة للأميين و تهذيب سلوكه و تعويده على التعاون مع الغير".
كما إقتضى الفصل 28 من أمر عدد 2423 لسنة 1995 مؤرخ في 11 ديسمبر 1995 يتعلق بالنظام الداخلي الخاص بمراكز الأحداث المنحرفين أنه " يتابع الأحداث الذين لم يلتحقوا بالمدارس دروس قصد محو الأمية و التدارك كما يقومون وجوبا بحصص في التربية البدنية بعد إخضاعهم لفحوص طبية تؤكد سلامتهم من كل مرض و تتواصل برامج التعليم العام بمختلف المراكز على إمتداد السنة الدراسية وفقا للبرامج التعليمية المعتمدة من قبل الوزارة المكلفة بالتربية " .
"ينص الفصل 19 من قانون 14 ماي 2001 فقرة 2 أنه يحق للسجين" الحصول على الوثائق المكتوبة الأخرى التي تمكنه من متابعة برامج دراسته بالمؤسسات التعليمية من داخل السجن" و بالفقرة 3 " متابعة برامج التعليم و التثقيف و التوعية التي تنظمها إدارة السجن".
و بالإضافة إلى برامج تعليم الكبار، فقد شهدت عديد السجون بتونس مواصلة المساجين تعليمهم الثانوي و الجامعي ،إذ يقع تمكين كل سجين يستظهر بشهادة تسجيل من الحق في تلقي الكتب المدرسية و الدروس المقررة للسنة الدراسية أو الجامعية من عائلته أثناء الزيارة و المشاركة في إمتحانات آخر السنة بمراكز الإمتحان للحصول على شهادة الباكالوريا أو شهادة تخرج من أحد الكليات.
- التثقيف:
إقتضى الفصل 19 فقرة 1 من قانون 14 ماي 2001 أنه بحق السجين " الحصول على أدوات الكتابة و كتب المطالعة و المجلات و الصحف اليومية عن طريق إدارة السجن و وفقا للتراتيب الجاري بها العمل و يتم إيجاد مكتبة بكل سجن تحتوي على الكتب و المجلات المعدة للمطالعة".
فالكتاب يعتبر من أفضل الوسائل التقليدية للتثقيف.
إن مطالعة الكتب و الصحف و المجلات لها دور فعال في تنمية ثقافة السجين.
كما يحق للسجناء متابعة البرامج التلفزية، و البرامج التلفزية تحظى باهتمام كبير من السجناء حيث تمكنهم من سد أوقات فراغهم و تخفيف ما قد ينتابهم من شعور بالملل و القلق و الإحباط بالإضافة إلى أن برامج التلفزة تمكنهم من التواصل مع العالم الخارجي عن طريق اطلاعهم على مختلف الأخبار و الأحداث الوطنية و العالمية.
الفقرة الرابعة : الزيارات و المراسلات
أ- الزيارات:
تخضع زيارة السجين إلى ضرورة الحصول على ترخيص مسبق و ذلك باستثناء والي الجهة و القضاة المخول لهم ذلك قانونا حيث ينص الفصل 30 من قانون 14 ماي 2001 أنه:" لا يمكن لأي شخص زيارة السجن إلا بترخيص من الوزير المكلف بالسجون و الإصلاح أو من الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح باستثناء والي الجهة و القضاة المخول لهم ذلك قانونا ".
يحق لأقارب السجين الموقوف تحفظيا أو الصادر بشأنه حكم غير بات في زيارته مرة في الأسبوع و ذلك بمقتضى رخصة زيارة مسلمة من قبل السلط القضائية ذات النظر و يحق لأقارب السجين المحكوم عليه بحكم بات في زيارته مرة في الأسبوع و بمناسبة الأعياد الدينية و ذلك بمقتضى رخصة مسلمة من الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح
و تكون رخصة الزيارة صالحة لمرة واحدة أو لأكثر أو مستمرة.
إن زيارة السجين، تمكنه من الإتصال بالعالم الخارجي و الإطلاع على أحوال عائلته و تخلق لديه راحة نفسية
إن الأقارب الذين يرخص لهم في زيارة السجين حسب الفصل 33 من قانون 14 ماي 2001 هم: 1) الزوجة و الزوج 2) الوالدان و الأجداد 3) الأبناء و الأحفاد 4) الأخوة و الأخوات 5) العم و العمة 6) الخال و الخالة 7) الولي الشرعي 8 )الأصهار من الدرجة الأولى 9) كل شخص له صلة بالسجين ترخص له الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح بالنسبة لمن ليس له أقارب بالمنطقة.
و يجدر التنبيه أنه يمكن اختصار عدد المرخص لهم كلما دعت الضرورة.
و يسمح قانون 14 ماي 2001 للأطفال الذين لم يبلغوا سن الثلاثة عشر عاما في زيارة أحد والديهم المودع بالسجن خارج التوقيت المعتاد للزيارة و بدون حاجز و ذلك بحضور عون سجون بزي مدني (الفصل 34).
كما اقتضى الفصل 35 أنه" يمكن بصفة استثنائية لغير الأقارب أو الأشخاص الذين لهم تأثير أدبى على السجين زيارته و يكون ذلك بناء على ترخيص من السلطة القضائية بالنسبة إلى الموقوف تحفظيا أو لمن صدر بشأنه حكم غير بات و من قبل الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح بالنسبة إلى المحكوم عليه بحكم بات .
و تتم الزيارة بمكتب مخصص لذلك و بمحضر مدير السجن أو من ينوبه".
كما يحق للموظفين القنصليين أو الأعوان الديبلوماسيين المكلفين بوظائف قنصلية القيام بزيارة مواطني بلدانهم المساجين بترخيص من السلطة القضائية بالنسبة إلى الموقوفين تحفظيا أو من صدر بشأنهم حكم غير بات و من الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح بالنسبة إلى المحكوم عليه بحكم بات .
و تتم الزيارة بمكتب مدير السجن أو بمكتب مخصص لذلك بمحضره أو بحضور من ينوبه .
و جدير بالذكر أن السجين له الحق في مقابلة المحامي المكلف بالدفاع عنه بدون حضور أحد أعوان السجن بالنسبة إلى الموقوف تحفظيا أو المحكوم عليه بحكم غير بات و ذلك بناء على ترخيص من الجهة القضائية المتعهدة أما المحكوم عليه بحكم بات فله الحق في مقابلة محام بترخيص من الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح و بحضور أحد موظفي السجن(الفصل 17).
ب- المراسلات:
لقد أقر المشرع التونسي للسجين بالحق في المراسلة عن طريق إدارة السجن (الفصل 18 فقرة 3 من قانون 14 ماي 2001)
إن الرسائل سواء كانت صادرة عن السجين أو موجهة إليه تخضع بالضرورة لرقابة الإدارة العقابية
و جاء بالفصل 20 من قانون 14 ماي 2001 فقرة 9 أنه يجب على السجين" احترام الأنظمة الإدارية عند توجيه أو تلقي المراسلات".
ونلاحظ أن أغلب الأنظمة العقابية تخول للإدارة السجن الحق في فتح رسائل السجين و الإطلاع عليها أو حتى منع إيصال مراسلات السجين سواء التي يرسلها أو التي ترد عليه من خارج السجن و ذلك لدواعي تحقيق الأمن.
مع أنه لم يتعرض أمر 4 نوفمبر 1988 و قانون 14 ماي 2001 إلى مسألة الإطلاع على الرسائل أو منع إيصالها صراحة.
الفقرة الخامسة: تشغيل السجناء:
إن الإعتراف للسجين بحقه في العمل، يحقق عدة نتائج إيجابية ، فهو يوفر للعاطل عن العمل فرصة التدرب على مهنة تتماشى و ميوله و استعداداته البدنية و الذهنية فالتكوين المهني من هذه الناحية يعتبر من أبرز أساليب المعاملة العقابية الحديثة و قد نص الفصل 39 من قانون 14 ماي 2001 أنه" يقع في حدود الإمكانيات المتاحة تكوين السجين في إحدى المهن التي تتماشى و مؤهلاته و ذلك بالورشات المعدة للغرض أو بالحضائر و الضيعات الفلاحية التابعة للسجون.
و تسلم للسجين المؤهل شهادة في ختم التكوين أو شهادة كفاءة مهنية مصادق عليها من الجهات المختصة لا تتضمن أية إشارة إلى الوضعية السجنية للمعني بالأمر".
كما نص الفصل 19 فقرة 7 أنه يحق للسجين " الشغل مقابل أجر و طبق الإمكانيات المتاحة بالنسبة إلى المحكوم عليه على ألا تتجاوز حصص العمل المدة القانونية و يحدد قرار مشترك من الوزير المكلف بالسجون و الإصلاح و الوزير المكلف بالشؤون الإجتماعية شروط و كيفية التأجير" كما يحق للسجين " التمتع بالضمانات و الحقوق المنصوص عليها بالتشريع المتعلق بحوادث الشغل و الأمراض المهنية"
و العمل المنتج و مقابل أجر يساهم في رفع الروح المعنوية للسجين و يكسبه الثقة بالنفس و بقدرته على الكسب و من خلال الأجر الذي يتلقاه يمكنه تلبية حاجاته الشخصية و إدخار بعض الأموال التي يكون في حاجة إليها عند خروجه من السجن
فالأموال المتأتية من مستحقات عمله تؤمن بمكتب الودائع يسترجعها عند مغادرته السجن كما يمكنه التصرف فيها أو البعض منها لإقتناء حاجياته من مغازة التزويد بالسجن أو إرسالها إلى عائلته ( الفصل 28 من قانون 14 ماي 2001) و جاء الفصل 29 أنه " تقسم المبالغ المتأتية من مستحقات عمل السجين إلى قسطين، يوضع الأول على ذمته ليتصرف فيه و هو داخل السجن و يصرف له الثاني عند سراحه"
كما أنه من ميزة العمل أنه يصرف عن السجين الملل و الضجر و بذلك يحافظ على صحته البدنية و النفسية حيث يعتبر العمل أفضل وسيلة لتمضيه الوقت داخل المؤسسة العقابية.
الفقرة السادسة: التأديب و المكافأة:
عند الإيداع بالسجن يفقد السجين حريته و يخضع إلى برنامج تأهيلي و إصلاحي مع الالتزام بالامتثال للنظام الداخلي للسجن.
وقد حدد الفصل 20 من قانون 14 ماي 2001 واجبات السجين و المتمثلة في:
1- التقيد بالتنظيم الداخلي للسجن و احترام التراتيب
2- الإمتثال لأوامر الأعوان تطبيقا للتراتيب الجاري بها العمل
3- الوقوف أثناء التعداد اليومي
4- عدم الإمتناع عن الخروج للفسحة اليومية
5- إرتداء الزي الخاص بالنسبة إلى المحكوم عليه
6- تنظيف ثيابه و ما بعهدته من فراش و غطاء و المحافظة عليه
7- تنظيف غرفة الإيداع و الورشة
8- عدم الإضرار بممتلكات السجن
9- إحترام الأنظمة الإدارية عند توجيه أو تلقي المراسلات
10- الإمساك عن الإحتفاظ بالأشياء غير المرخص فيها طبقا للتراتيب الجاري بها العمل
11- الإحجام عن تحرير العرائض الجماعية أو التحريض على ذلك
12- عدم المس من سلامته البدنية أو سلامة غيره
13- الإمتناع عن لعب القمار
و الجدير بالذكر أن الإخلال بهذه الواجبات يؤدي إلى المساءلة التأديبية حيث جاء بالفصل 22 أنه:" يتعرض السجين الذي يخل بأحد الواجبات المبنية بالفصل 20 من هذا القانون أو يمس بحسن سير السجن أو يخل بالأمن به إلى إحدى العقوبات التأديبية التالية:
1- الحرمان من تلقي المؤونة و الطرود لمدة معينة على ألا تتجاوز خمسة عشر يوما
2- الحرمان من زيارة ذويه له لمدة معينة على ألا تتجاوز خمسة عشر يوما.
3- الحرمان من تلقي أدوات الكتابة و النشريات لمدة معينة على ألا تتجاوز خمسة عشر يوما
4- الحرمان من الشغل
5- الحرمان من المكافأة
6- الحرمان من اقتناء المواد من مغازة التزويد بالسجن لمدة لا تتجاوز سبعة أيام
7- الإيداع بغرفة انفرادية تتوفر فيها المرافق الصحية و ذلك لمدة أقصاها عشرة أيام، بعد أخذ رأي طبيب السجن، و يكون خلالها تحت رقابة الطبيب الذي يمكن له طلب مراجعة هذا الإجراء لأسباب صحية.
و تسلط هذه العقوبات و تحدد مدتها من قبل لجنة التأديب و ذلك بقطع النظر عن التتبعات الجزائية عند الإقتضاء.
و يمكن لمدير السجن الإكتفاء بتوجيه إنذار أو توبيخ للسجين المخالف دون حاجة للرجوع إلى لجنة التأديب.
و يحجر تسليط غير ما ذكر من العقوبات على السجين."
و تتركب لجنة تأديب المساجين من مدير السجن بصفة رئيس و عضوية مساعد مدير السجن و رئيس مكتب العمل الإجتماعي و سجين حسن السيرة و السلوك يقع إختياره من قبل مدير السجن من نفس الغرفة التي يقيم بها السجين المخالف أو ورشة التكوين أو حضيرة العمل و يمكن للجنة دعوة المكلف بالعمل النفساني لإبداء رأيه (الفصل 26).
و لا يمكن تسليط عقوبة تأديبية على السجين إلا بعد الإستماع إليه و تلقي أوجه دفاعه (الفصل 24) كما يحق للسجين الإعتراض على الإجراء التأديبي في أجل أقصاه اليوم الموالي لإعلامه به لدى إدارة السجن التي ترفعه حالا إلى الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح ويحق لهذه الأخيرة أن تقره أو تخفض منه ( الفصل 25 ).
أما عن مكافأة السجين فقد نص الفصل 21 من قانون 14 ماي 2001 أنه " يمكن للإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح بناء على إقتراح مدير السجن مكافأة المساجين الذين تميزوا بحسن سلوكهم داخل السجن أو حذقوا مهنة تساعدهم على كسب العيش في الحياة الحرة أو تعلموا القراءة و الكتابة خلال مدة إقامتهم بالسجن، و تتمثل هذه المكافأة في:
- الزيارة بدون حاجز
- الأولوية في التشغيل
- إعادة التصنيف على مستوى الشغل
- مساندة الملفات المتعلقة بالسراح الشرطي أو العفو
- التمكين عند الإفراج من أدوات مهنية تتلاءم مع الإختصاص ."
*** المبحث السابع: الإشراف القضائي على تنفيذ عقوبة السجن
من الطبيعي أن تخضع تنفيذ العقوبة السالبة للحرية للإشراف الإداري (الإدارة العقابية) حيث تتوزع المهام بين الإدارة الموكزية و مدير السجن و موظفي و أعوان السجن، و مع تطور السياسة العقابية و الاهتمام المتزايد بحقوق الإنسان و الحرص على توفير الضمانات القانونية الكفيلة لحماية السجين تم اللجوء إلى الإشراف القضائي و في القانون التونسي وقع احداث مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات.
فقد صدر قانون عدد 77 لسنة 2000 مؤرخ في 31 جويلية 2000 يتعلق بتنقيح و اتمام بعض الفصول من مجلة الإجراءات الجزائية لإرساء مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات كما صدر قانون عدد 92 لسنة 2002 مؤرخ في 29 أكتوبر 2002 يتعلق بتنقيح و اتمام مجلة لإجراءات الجزائية لتدعيم صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات.
1- صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات من خلال قانون 2000
يقوم بوظيفة قاضي تنفيذ العقوبات لدى المحكمة الإبتدائية قاضي من الرتبة الثانية و يعوض في صورة غيابه أو تعذر مباشرته لوظائفه بأحد قضاة المحكمة يعينه رئيسها ( الفصل 342 خامسا م ا ج )
و قاضي الأسرة هو من بين الأشخاص الذين يمكنهم زيارة السجن بدون ترخيص إذ ينص الفصل 30 من قانون 14 ماي 2001 أنه" لا يمكن لأي شخص زيارة السجن إلا بترخيص من الوزير المكلف بالسجون و الإصلاح أو من الإدارة المكلفة بالسجون و الإصلاح باستثناء والي الجهة و القضاة المخول لهم ذلك قانونا"
و حسب الفصل 342 ثالثا م ا ج فإن قاضي تنفيذ العقوبات يزور السجن مرة في الشهرين على الأقل لللإطلاع على أوضاع المساجين و من مهامه مراقبة ظروف تنفيذ العقوبات السالبة للحرية و يمكنه أن يقترح تمتيع بعض المساجين بالسراح الشرطي ( الفصل 342 مكرر م ا ج )
و يقوم قاضي تنفيذ العقوبات بإعلام قاضي الأسرة بأوضاع أطفال السجينات المرافقين لهن.
كما يتولى مقابلة المساجين الراغبين في ذلك.
كما ينظر في منح المحكوم عليهم تراخيص الخروج من المؤسسة السجنية و له أن يمنح هذه التراخيص لزيارة الزوج أو أحد الأصول أو الفروع عند المرض الشديد أو لحضور مركب جنازة أحد الأقارب الأتي ذكرهم: - الزوج أو أحد الأصول أو الفروع – الأخوة أو الأعمام أو الأخوال أو الأصهار من الدرجة الأولى – الولي الشرعي
ويحرر قاضي تنفيذ العقوبات تقريرا سنويا يتضمن ملاحظاته و استنتاجاته و مقترحاته يحيله على وزير العدل.
2- صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات من خلال قانون 2002
جاء هذا القانون لتدعيم صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات و التوسيع في مهامه حيث أصبح بإمكانه متابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كما أصبح بإمكانه التدخل في منح السراح الشرطي
• بالنسبة لمتابعة تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة:
فقاضي تنفيذ العقوبات يتولى عرض المحكوم عليه على الفحص الطبي ، و يقوم بتحديد المؤسسة التي سيتم بها تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و تحديد العمل الذي سيقوم به المحكوم عليه وجدول أوقاته و مدته ... كما يتولى متابعة تنفيذ المحكوم عليه لعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لدى المؤسسة المعنية و يقع إعلامه كتابيا بكل ما يطرأ أثناء قضاء العقوبة و يحرر تقريرا في مآل التنفيذ يحيله على وكيل الجمهورية و يمكن لقاضي تنفيذ العقوبات عند الضرورة تعديل التدابير المتخذة وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 336 م ا ج بعد موافقة وكيل الجمهورية كما يمكنه بعد موافقة وكيل الجمهورية بتعليق تنفيذ عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة للأسباب المنصوص عليها بالفصلين 336 مكرر و 346 مكرر م ا ج .
إرسال تعليق