تعدّ جريمة التحرش الجنسي من الجرائم الأخلاقية التي أضافتها المجلة الجزائية لأول مرة عام 2004 عبر الفصل 226 ثالثًا الذي وقع تنقيحه في قانون القضاء على العنف ضد المرأة سنة 2017.
تعريف الجريمة
تعدّ جريمة التحرش الجنسي من الجرائم الأخلاقية التي أضافتها المجلة الجزائية لأول مرة عام 2004
وتعرف منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة التحرش الجنسي بأنه "كل سلوك له إيحاءات جنسية غير مرحب بها من قبل الطرف الآخر ويشمل أيضًا طلب خدمات جنسية أو تصرفات ذات طابع جنسي ويمكن أن يكون عبر الكلام أو النظرات أو عرض مواد جنسية في مكان العمل بحيث يراها الطرف المستهدف".
وتتكوّن الجريمة إجمالًا من ركن مادي وهو الإمعان في مضايقة الغير بتكرار أقوال أو أفعال أو إشارات أي عنصر التكرار لتأكيد الغاية في تحقيق الرغبات الجنسية، إضافة لعنصر المس من الكرامة أو خدش الحياء. كما يجب توفر ركن معنوي وهو الركن القصدي وهو دفع الفاعل للضحية للاستجابة لرغباته الجنسية.
ولا تفترض هذه الجريمة اعتداءً مباشرًا على جسم الضحية إذ تكفي الإشارة أو القول فقط، وهو ما يميّزها عن جريمة الاعتداء بالفاحشة الذي عرفها فقه القضاء التونسي في قرار مرجعي يعود لسنة 1969 بأنه "كل فعل مناف للحياء يقع قصدًا أو مباشرة على جسم الذكر والأنثى أو على عورتهما".
ومرتكب جريمة التحرش الجنسي قد يكون ذكرًا أو أنثى أيضًا.
ماهي العقوبة؟
رفّع قانون القضاء على العنف ضد المرأة سنة 2017 في عقوبة التحرّش الجنسي من سنة إلى سنتين إضافة للترفيع في الخطية من 3 إلى 5 آلاف دينار.
ويكون العقاب مضاعفًا، أي 4 سنوات، إذا كانت الضحية طفلًا، أوإذا كان الفاعل من أصول أو فروع الضحية من أي طبقة، أوإذا كانت للفاعل سلطة على الضحية أو استغل نفوذ وظيفة إذا سهل ارتكاب الجريمة حالة استضعاف الضحية الظاهرة أو المعلومة من الفاعل.
ويهدف الترفيع المضاعف في العقوبة لحماية المرأة في فضاء العائلة أو الدراسة أو العمل أي في الفضاءات المُغلقة حيث تنتشر ظاهرة التحرش الجنسي بشكل واسع.
وتجري آجال انقضاء الدعوى العمومية بخصوص جريمة التحرش المرتكبة ضد طفل بداية من بلوغه سن الرشد، وذلك في إطار حماية حقوق الطفل.
إثبات التحرش الجنسي
يقع إثبات التحرش الجنسي بكل وسائل الإثبات المعلومة في المادة الجزائية على غرار الاعتراف والشهادة إضافة للإثبات عبر التصوير والتسجيل الصوتي الذي يقع معاينتهما من طرف عدل المنفذ. كما يمكن الإثبات عبر كاميرات المراقبة.
ضرورة الشكاية
يتوقّف التتبّع القانوني في التحرش الجنسي على الشكاية من الضحية دون غيرها، وذلك على غرار جريمة الزّنا. وشرط التشكّي يجد تأسيسه بصعوبة مبادرة النيابة العمومية التصدّي لجريمة التحرّش في غياب ضحيّة تعبّر عن ضررها وتشتكي، إضافة لصعوبة إثبات الجريمة على المتحرّش في غياب تدعيم من الضحيّة ذاتها.
يتوقّف التتبّع القانوني في التحرش الجنسي على الشكاية من الضحية دون غيرها
بيد أنه قد تنقلب الصورة على الضحية في صورة الفشل في إثبات الجريمة، وهو ما يجعلها مرتكبة لجريمة الادعاء بالباطل حيث يمكن للمشتكى به قلب الاتهام بل والمطالبة بالتعويض. ويهدف هذا الخيار التشريعي لعدم إطلاق اليد لادّعاء الشاكي بحدوث الجريمة بصفة تعسّفية، حيث قد يستغلّ حقه في التتبع للانتقام من المشتكى به وتشويه صورته. وقد يكون المشتبه بتحرشّه هو في الواقع ضحيّة لعملية ابتزاز مّمن تدّعي أنها ضحيّة.
منقول موقع الترا تونس
إرسال تعليق