شكل الهاتف النقال ثورة في مجال الاتصالات الحديثة من خلال التقنيات والخدمات التي يوفرها للمستخدمين, وصاحب هذا التطور العديد من الأضرار سواء على مستوى الفردي كالصحة، أو على المستوى الاجتماعي كتدهور الأخلاق العامة، فضلاً عن مساهمته في تفشي العديد من الجرائم التي ظهرت في البداية كسلوكيات عادية يسعى البعض من خلالها للمتعة والتسلية متناسي الأضرار التي قد تنتج عنها. ومع النقلة الكبيرة التي شهدها الهاتف النقال في السنوات الأخيرة أصبح الهاتف النقال أحد الأدوات الإلكترونية الأكثر استخدماً, وذلك من خلال الميزات العديدة التي استطاعت شركات الاتصالات استحدثها من حلال دمج الهاتف النقال بتقنية المعلوماتية وتوفير خدمات الإنترنت، ما جعل الهاتف صورة مصغرة عن الحاسوب في مجال المعلوماتية, مما أسهم في استخدام الهاتف النقال في ارتكاب العديد من الجرائم ذات الطبيعة الإلكترونية. وفي الوقت الذي تزداد فيه خطورة استخدام الهاتف النقال في الجريمة بمختلف أنواعها, مازالت التشريعات العربية لم تتخذ موقف جاد حيال تجريم استخدام هذه الوسيلة في الإجرام، أو استحداث آليات عقابية وإجرائية تكون على القدر الكافي لزجر وردع هذا النوع من الجرائم. ومن خلال الإشكالية الواردة في هذه الدراسة, حاولنا الوقوف على العديد من الأنماط والصور الإجرامية التي ترتكب بواسطة الهاتف النقال؛ والتي تتنوع بين جرائم أشخاص، وجرائم أموال، أو جرائم ضد أمن الدول، كما قد تتخذ صوراً إجرامية ذات طبيعة إلكترونية أو تقليدية، كما وقفنا على الإجراءات المتبعة في الكشف والتحقيق في مثل هذا النوع من الجرائم والجهات القضائية المختصة في ذلك, فضلاً عن وسائل الإثبات الإلكترونية التي تستعين بها المحكمة في إصدار حكمها في هذا النوع من الجرائم.
حمل من هنا
إرسال تعليق