القتل العمد في القانون التونسي سابقة القصد والاضمار بقلم محمد علي التقرتي منقول

نية القتل من العناصر المكونة لجريمة القتل العمد وخلافا لسبق الاضمار الذي يفترض  بالضرورة نية القتل فان نية القتل قد تكون خالية من عنصر سبق الاضمار.

وردت عبارة سابقية القصد او سابقية الاضمار في الفصل 201 من المجلة الجنائية الذي جاء فيه: الفصل 201 يعاقب بالإعدام كل من يرتكب عمدا مع سابقية القصد قتل نفس بأي وسيلة كانت.

عرف الفصل الذي يليه اي الفصل 202 سابقية القصد بانها  » النية الواقعة قبل مباشرة الاعتداء على ذات الغير ».

يفهم من الفصل 202 من المجلة الجنائية ان الفارق بين نية القتل وسبق الاضمار فارق في الزمن فنية القتل قد تتولد في فترة وجيزة لا تزيد عن بعض اللحظات والثواني قبل اقتراف الجرم وقد تتولد   لسنوات و شهور وايام خلت قبل اقتراف المحظور.

لم يبين الفصل 202  الفترة الزمنية  الواجب مرورها  بين تولد نية الاعتداء على ذات الغير وبين مباشرة الجرم   تاركا الامر لاجتهاد القاضي ولفقه القضاء.

  حاولت محكمة التعقيب في تونس على مر السنين  تعريف سبق الاضمار وتحديد ملامحه وتمييزه عن نية القتل المجردة و وضعت لذلك شرطين

-العزم على القتل

-هدوء بال القاتل

في العزم على القتل

العزم هو القصد والنية وقد استعملت محكمة التعقيب نفس اللفظ في قرارات عديدة  في تحديدها لمفهوم سبق الاضمار.

  جاء في قرار لمحكمة التعقيب لسنة 1963 اول تحديد لسبق الاضمار وهو سبق العزم على ارتكاب القتل وسبق التفكير فيه وفي عواقبه…

كما اوكلت محكمة التعقيب في قرارها المشار اليه تقدير المدة الفاصلة بين تولد نية القتل والتنفيذ لاجتهاد المحكمة.

مدني عدد 1816 مؤرخ في 21/04/1963 – الاضمار يستلزم حتما سبق العزم على ارتكاب القتل  و سبق التفكير فيه و في عواقبه.. مدة موكول تقديرها لقاضي الموضوع.

وقد اعادت محكمة التعقيب التأكيد على نفس المبدأ في قرار آخر متقارب في التاريخ

جنائي عدد 4863 مؤرخ في 11/06/1966 – ان ركن الاضمار في جريمة القتل يستلزم حتما سبق عزم الجاني على اقتراف الجناية بعد التفكير فيها و في عواقبها..

وفي سنة 1967

جنائي عدد 4613 مؤرخ في 22/02/1967 – يكون معللا تعليلا قانونيا الحكم الجنائي الذى قضى بعقاب الطاعن من اجل القتل بإضمار بعد ان بين الظروف التي استنتج منها ان المجرم فكر في جريمته وفى عواقبها و انه اعد السلاح لاقترافها ثم اقدم عليها تنفيذا لعزمه.

ان سبق العزم على القتل يمثل سابقية قصد القتل على معنى  الفصل 202 ولا معنى ان يكون العزم على القتل مشروطا ومتوقفا على سلوك المجنى عليها.

فهذا زوج الح على زوجته في التراجع في طلب الطلاق ولكنها امتنعت عندها عزم على قتلها ويعتبر منه هذا العزم اي نية القتل السابقة لتنفيذ الجريمة اضمارا ولا تأثير لاشتراط القاتل تراجع القتيلة في طلبها للطلاق حتى لا ينفذ فيها القتل فالنية  موجودة قبل مباشرة الجريمة وتعتبر سبق اضمار

جزائي عدد 8982 مؤرخ فى 16/05/1973 في صورة نزاع بين زوجين واستحالة الصلح بينهما امام الحاكم لتصلب الزوجة وطلبها الطلاق انشاء وعزم الزوج على قتلها ان لم ترجع في طلبها ثم تسلح بمسدس والتحق بها وعرض عليها العدول فأعرضت عنه وعندها نفذ فيها القتل في هذه الصورة يعتبر قتلا بإضمار ولا تأثير للشرط المعلق على وجود الاضمار او عدمه.

وقريبا منا وفي سنة 1992 اعادت محكمة التعقيب التأكيد على ضرورة سبق العزم على تنفيذ الجريمة وهو عزم بدون رجعة

جزائي عدد 36816 مؤرخ فى 18/03/1992 إنّ سابقية الاضمار الوارد بها الفصل 202 من المجلة الجنائية تستلزم حتما سبق عزم الجاني على الجناية بعد التفكير فيها و في عواقبها…وانصراف ارادته (اي ارادة الجاني) الى ارتكاب الفعل المعاقب عليه اي عزمه بدون رجعة الى ازهاق روح المجنى عليه.

اذا كان سبق العزم عنصر من العناصر المحددة لسبق الاضمار فان محكمة التعقيب اضافت لسبق العزم والتفكير في القتل ضرورة ان تتوفر في القاتل عند عزمه على القتل حالة نفسية تتمثل في هدوء البال والسكينة اي ان لا يكون في حالة غضب و هيجان.

عنصر هدوء البال

جنائي عدد 4863 مؤرخ فى 11/06/1966 – ان ركن الاضمار في جريمة القتل يستلزم حتما سبق عزم الجانى على اقتراف الجناية بعد التفكير فيها و في عواقبها وهو هادئ البال.

وفي قرار آخر اشترطت محكمة التعقيب ان يكون هدوء البال بعد العزم على القتل واستعملت حرف ثم الذي يفيد لغة الاسترخاء بعد مرور فترة من الزمن

جزائي عدد 17420 مؤرخ فى 20/11/1985 – لتوفر سابقية القصد في جريمة القتل يجب أن يكون هنالك تصميم سابق على ارتكاب الفعل ثم هدوء البال.

بينما اوجبت محكمة التعقيب في قرار آخر ان يكون القاتل مسترخيا هادئ البال اثناء تفكيره في اتيان المنكر

جزائي عدد 36816 مؤرخ في 18/03/1992 إنّ سابقية الاضمار الوارد بها الفصل 202 من المجلة الجنائية تستلزم حتما سبق عزم الجاني على الجناية بعد التفكير فيها و في عواقبها وهو هادئ البال.

وفي نفس السياق

جنائي عدد 4613 مؤرخ في 22/02/1967 – يكون معللا تعليلا قانونيا الحكم الجنائي الذى قضى بعقاب الطاعن من اجل القتل بإضمار بعد ان بين الظروف التي استنتج منها ان المجرم فكر في جريمته وفى عواقبها و انه اعد السلاح لاقترافها ثم اقدم عليها تنفيذا لعزمه وهو هادئ البال.

اذا كان هدوء البال من العناصر اللازمة لسابقية قصد القتل واضماره فان حالة الغضب ينتفي معها عنصر سابقية الاضمار لغياب هدوء البال والسكينة والاسترخاء

جزائي عدد 14021 مؤرخ فى 18/01/2007 إن حالة الغضب الدائم أثناء إرتكاب الجريمة ينتفي معها ركن الإضمار.

تركت محكمة التعقيب لاجتهاد قضاة الاصل تقدير ركن الاضمار من عدمه شرط التعليل

ان توفر نية القتل وركن الإضمار من عدمه مسألة موضوعية ترجع لاجتهاد محكمة الأساس بدون أن يكون لهاته المحكمة سلطان عليها طالما عللت وجهة نظرها بتعليل سائغ قانونا وله مأخذ صحيح من الأوراق. جزائي عدد 62958 مؤرخ فى 27/12/1995.

فنية الاضمار واضحة اذا ما ترصد القاتل القتيل وتحين لفعلته الفرص

– لقد اظهر الحكم المطعون فيه نية الاضمار بصفة كافية وعلله تعليلا قانونيا بقولة « و حيث ان تربصه للمجنى عليه الفرصة بانتظار مروره من السبيل الذى اعتاد السير فيه يعتبر ترصدا يؤذن بمفرده في وضوح و خلافا لما اثاره محاميه سابقية الاصرار عنه ». جزائي عدد 1021 مؤرخ فى 19/07/1976

او اذا ما اعد القاتل مسبقا آلة الجريمة

جنائي عدد 4613 مؤرخ فى 22/02/1967 – يكون معللا تعليلا قانونيا الحكم الجنائي الذى قضى بعقاب الطاعن من اجل القتل باضمار بعد ان بين الظروف التى استنتج منها ان المجرم فكر في جريمته وفى عواقبها و انه اعد السلاح لاقتترافها ثم اقدم عليها تنفيذا لعزمه وهو هادئ البال شاعرا بخطورة ما هو مقدم على ارتكابه.

او اذا ما هيأ مسبقا حفرة لدفن الضحية التي عزم على قتلها

جزائي عدد 5883 مؤرخ فى 07/02/1981 – يستخلص ركن الاضمار في جريمة القتل العمد العدوان من الظروف الحافة بالجريمة من ذلك اعداد الجاني العدة لتنفيذ ما أقدم عليه كتهيأة حفرة لدفن الضحية والتسلح بالسكين لانجاز القتل واخفاء آلة الجريمة بعد تنفيذها.

وكما هو الامر في المادة الجزائية فان ان اقرار المتهم بالقتل مع سابقية الاضمار غير كاف لوحده للأخذ بثبوت الادانة أو نفيها  جزائي عدد 102965 مؤرخ فى 14/07/1999