الاختصــــاص الـــــجزائي الدولــــي للمحـاكم الـــــتونسية
تفاقمت خلال القرن العشرين و بداية القرن الواحد و العشرين ظاهرة الجريمة الدولية، و الجريمة ذات الصبغة الدولية.
و الجريمة الدولية هي أكثر الجرائم خطورة، و تعرف عادة كالجرائم التي تهدد السلم والأمن والرفاء في العالم. و يحددها الفقه و القانون في أربعة أصناف أساسية وهي جرائم الإبادة الجماعية، و الجرائم ضد الإنسانية، و جرائم الحرب و جرائم العدوان. و عانت عدة شعوب من بشاعة هذه الجرائم، في أروبا أثناء الحرب العالمية الثانية وفي كمبوديا في السبعينات و في الروندا و يوغوسلافيا في التسعينات و ساحل العاج، و الكونغو في مطلع القرن الحالي و سوريا، و اليمن و فلسطين و العراق و البورما و أفغنيستان في يومنا هذا...
كما تفاقمت الجريمة ذات الصبغة الدولية هي التي تكون متصلة أو متضمنة لعنصر خارجي. و قد يتعلق العنصر الخارجي بالفاعل فتكون ذات صبغة دولية الجريمة التي يرتكبها أجنبي فوق التراب الوطني. كم قد يتعلق بمكان ارتكابها فتكون ذات صبغة دولية الجريمة التي يكون ركنها المادي أو جزء منه مرتكبا بالخارج من طرف التونسي.
و يرجع تفاقم الجريمة الدولية أو ذات الصبغة الدولية، إلى عدة أسباب من أهمها تطور وسائل المواصلة وازدهار تقنيات الاتصال الحديثة.
و لقد رافق تطور الجريمة الدولية ظهور التنظيم الدولي للإجرام فعرف بتسميات شهيرة منها الياكوزا اليابانية و الكرتالات الكلومبية و المافيا الايطالية وصولا إلى تنظيم داعش.
و لم تبقى البلاد التونسية بمنأى عن الجريمة الدولية، إذ يمكن أن نعتبر أن الجرائم المرتكبة من طرف التونسيين في سوريا من قبيل الجرائم ضد الإنسانية. كما ازداد عدد الجرائم ذات الصبغة الدولية المرتبطة بالبلاد التونسية و منها الجرائم الإرهابية و جرائم الاتجار بالبشر و جرائم المخدرات و جرائم المعلوماتية.
فلا يكاد يمر يوم بدون أن تصلنا، عبر الصحافة بشتى أنواعها التقليدية أو الحديثة أو عبر مختلف الدراسات و التقارير، أخبار عن الجريمة الإرهابية ذات الصبغة الدولية. فقد كشفت اللجنة التونسية للتحاليل المالية في شهر ماي 2017 أن تونس تحتلّ المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد الإرهابيين المفتش عنهم دوليا بما يساوي 1390 إرهابيا من بين 6095 موزعين على 53 دولة. كما صرح الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، السيد خليفة الشيباني، في شهر جانفي 2018 أن البلاد التونسية تحصلت على تسليم 19 إرهابيا من مختلف الدول، و منهم ليبيا. و أفاد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني وليد حكيمة في تصريح له في شهر ماي 2018 بأن قرابة 2929 مقاتل تونسي متواجدين في بؤر التوتر. وأبرز تقرير قدمه المركز التونسي للبحوث والدراسات المتعلقة بالإرهاب في شهر أكتوبر 2016، استناداً إلى 2224 ملفًا قضائيا ، أن جل المتهمين بالجرائم الإرهابية تلقوا تدريبًا عسكريًا في بلد أجنبي منهم 63٪ في ليبيا و 21٪ في سوريا والباقي في دول أخرى مثل أفغانستان والجزائر ومالي. كما أن الجماعات الإرهابية التي تم حلها من طرف السلط الأمنية تتكون غالبا من تونسيين و من أجانب.
كما تبرزعدة دراسات و مقالات صحفية أهمية الصبغة الدولية لجرائم الاتجار بالبشر. فقد صرحت السيدة روضة العبيدي، رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، في شهر جويلية 2018، أن الهيئة رصدت 742 حالة سنة 2017. و أن الاتجار بالأشخاص يتخذ عدة أشكال منها الاستغلال الاقتصادي و الاستغلال الجنسي و الاستعباد المنزلي. و تمثل الفتيات من الأصل الإفريقي %84 من ضحايا هذا الصنف من الاتجار.
كما تكتسي الجرائم ذات الصلة بالهجرة غير النظامية صبغة دولية. ووفقا لتقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، تم إحباط 307 عملية هجرة غير قانونية من قبل السلطات الأمنية خلال سنة 2017. فألقت القبض على 3424 مهاجر و 129 مهــربًا. و تمكن ما يقارب 8000 مهاجر تونسي من دخول إيطاليا وتم اعتقال جلهم خلال سنة 2017 من قبل السلطات الإيطالية.
و تثير الجريمة ذات الصبغة الدولية عدة مسائل قانونية منها مسألة الاختصاص الدولي للمحاكم، و ﺁثار الأحكام الأجنبية، و التعاون الجزائي الدولي.
يمكن تقديم بعض الملاحظات الهامة المتعلقة بالاختصاص.
تتعلق الملاحظة الأولى بالعلاقة بين الاختصاص القضائي و الاختصاص التشريعي، فعلى عكس المادة المدنية الدولية، فان المادة الجزائية تقوم على التضامن بين نوعي الاختصاص. و يمكن التعامل مع مسألة الاختصاص الدولي إما عبر القواعد الإجرائية أو عبر القواعد الأصلية. فإقرار اختصاص المحاكم الوطنية للنظر في الجريمة المركبة فوق الأراضي الوطنية أو خارجها يؤدي حتما إلى تطبيق القانون الوطني، كما أن تكريس تطبيق القانون الوطني على هذه الجرائم ينحدر حتما عن الاختصاص القضائي للمحاكم التونسية.
أما الملاحظة الثانية، فإنها تتعلق بمصادر المادة. فلقد بقيت مسألة الاختصاص هادئة طوال عدة سنوات لا تنظمها سوى بعض الفصول المتروكة في مجلة الإجراءات الجزائية التي نحتفل اليوم بمرور نصف قرن عن صدورها. ثم ازدهرت المصادر. فصدرت عدة قوانين تكمل المجلة، نذكر منها مجلة الإجراءات الجزائية و التأديبية البحرية المؤرخة في 20 مارس1977 و مجلة الطيران المدني المؤرخة في 29 جوان1999 و قانون 7 أوت 2015 المتعلق بالإرهاب و غسل الأموال.
فصارت للمجلة تلعب دور قانون الشريعة العامة بالنسبة لمسألة الاختصاص، اذ لا تطبق اليوم مقتضياتها سوى في غياب النصوص الخاصة. و قد يشارك المجلة في هذا الدور ما جاء في الفصول 11 الى 18 من مشروع الكتاب الأول من المجلة الجزائية و التي تتعلق بتنازع القوانين في المكان.
كما أثريت المصادر بمصادقة البلاد التونسية على عدد هام من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالجريمة الدولية و المتضمنة لقواعد تهم الاختصاص الجزائي الدولي. من أهمها الإتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب بتاريخ 9 ديسمبر 1999 و اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالجريمة المنظمة عبر الوطنية المؤرخة في 14 ديسمبر2000 ، و اتفاقية الأمم المتحدة لمقاومة الفساد المؤرخة في 31 أكتوبر2003 و نظام روما الأساسي المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية روما بتاريخ 17 جويلية1998 .
فكيف تنظم مختلف هذه النصوص الاختصاص الدولي للمحاكم التونسية في المادة الجزائية ؟
بالرجوع إلى المجلة و مختلف النصوص التي تكملها و التي سنسلط عليها تحليلا نقديا يبدو جليا أن السيادة الوطنية تتأجج في المادة الجزائية. إذ تسمح القواعد القانونية التي تضمنتها المجلة و مختلف النصوص الخاصة ببسط نفوذ السلطة القضائية على كل جريمة تتصل بالبلاد. فلا يسري الاختصاص الجزائي الدولي على الجرائم المرتكبة بالتراب الوطني و الخاضعة لمبدأ الإقليمية التقليدي فحسب (الجزء الأول) بل أيضا على الجرائم المرتكبة بالخارج وذلك بتجاوز الإقليمية ( الجزء الثاني).
الجزء الأول : الاختصاص المؤسس على الإقليمية
تخضع الجريمة المرتكبة فوق الأراضي التونسية إلى اختصاص المحاكم التونسية التي تطبق القانون الجنائي التونسي، وذلك وفقاً لمبدأ إقليمية القانون الجنائي. و يعني مبدأ الإقليمية أن كل جريمة ترتكب فوق التراب الوطني تخضع لاختصاص المحاكم الوطنية ولتطبيق القانون الوطني و ذلك بالرجوع لمبدأ وحدة الاختصاص القضائي و الاختصاص التشريعي في المادة الجزائية.
و يمكن إقرار مبدأ الإقليمية عن طريق القواعد الإجرائية أو القواعد الأصلية. و يفتقر حاليا القانون التونسي إلى فصل عام يكرس صراحة مبدأ الاقليمة. و من الممكن تدارك النقص بإضافة فصل في مجلة الإجراءات الجزائية يتعلق بالاختصاص أو في المجلة الجزائية لإقرار تطبيق القانون الجنائي التونسي على الجرائم المرتكبة بالبلاد التونسية. و هو الحل الذي توخاه مشروع تعديل الكتاب الأول من المجلة الجزائية في الفصل 11 التي يكرس مبدأ إقليمية القانون الجنائي، وهو ما يعني بالضرورة اختصاص المحاكم التونسية. و لقد اتبع المشروع الحل الذي ذهب إليه المشرع الفرنسي في المادة 113-2 من المجلة الجنائية الفرنسية التي تقر أن "القانون الجنائي الفرنسي ينطبق على الجرائم المرتكبة في إقليم الجمهورية". و يتعلق هذا النص باختصاص القانون الجنائي الفرنسي الذي يستدعي حتما اختصاص المحاكم الفرنسية.
و يعبر مبدأ الإقليمية عن السيادة الجزائية للدولة التي تفرض أن تخضع الجرائم المرتكبة بالإقليم لاختصاص المحاكم التونسية بالرغم من تدخل العنصر الأجنبي، الذي لا يؤثر على الاختصاص الجزائي لسببين : الصبغة المتوسعة للاختصاص (فقرة أولى ) و الصبغة الحصرّية للاختصاص ( فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الصبغة الموسعة للاختصاص المؤسس على الإقليمية
للقضاء الوطني أن يسلط أنظاره على كل جريمة ترتكب فوق التراب الوطني حتى وان اتصلت بعنصر خارجي. وتظهر الصبغة الموسعة للاختصاص من حيث الإقليم (1) و الأشخاص (2) و الأفعال (3).
- الصبغة الموسعة للاختصاص من حيث مفهوم الإقليم
نسيت مجلة الإجراءات الجزائية تحديد عناصر الإقليم. و تخضع لمبدأ الإقليمية الجرائم المرتكبة على الإقليم بالمعنى الجغرافي أي الإقليم البري و البحري و الجوي.
ويمتد أيضا الاختصاص إلى المنقولات المشبهة بالإقليم، أي السفن والطائرات. إذ تخضع الجرائم المرتكبة على متن السفن المسجلة بالبلاد التونسية للقضاء التونسي وفقا للفصلين 1 و 15 من المجلة التأديبية و الجزائية البحرية كما تخضع الطائرات المسجلة بالبلاد التونسية وفقا للفصل 14 من مجلة الطيران المدني. يتضمن مشروع الكتاب الأول من مشروع المجلة الجنائية هذه القواعد في المادة 12.
- الصبغة الموسعة للاختصاص من حيث الأشخاص
تخضع كل جريمة ترتكب في الأراضي التونسية لاختصاص المحاكم الوطنية بغض النظر عن جنسية الفاعل أو الضحية. و القاعدة معروفة و لا تحتاج بالضرورة إلى تكريس قانوني.
و ينسحب الاختصاص الجزائي للمحاكم التونسية حتى إن كان القانون الأجنبي للفاعل لا يجرم الفعل المرتكب. فالزواج الثاني المبرم في تونس بين أجنبي متزوج وتونسية أو حتى أجنبية سيقع تحت طائلة المادة 18 مجلة الأحوال الشخصية، حتى و إن كان القانون الشخصي لهذا الأجنبي يسمح بتعدد الزوجات.
و لا يعرف الاختصاص الجنائي الدولي للمحاكم التونسية استثناءا سوى في صورة تمتع المتهم بالحصانة الدبلوماسية أو القنصلية التي تؤسس على اتفاقيتي فيانا لسنة 1961 و 1963.
- الصبغة الموسعة للاختصاص من حيث الأفعال
لم تحتوي المجلة الجزائية على نص عام يتعلق بمختلف الصور التي تتعقد فيها مسألة تحديد مكان ارتكاب الجريمة.
فينسحب الاختصاص على الجريمة التي يكون ركنها المادي مرتكبا بشامله في البلاد التونسية و إن كانت مرتبطة بجريمة أخرى ارتكبت بالخارج. ولقد سكتت مجلة الإجراءات الجزائية، عن هذه الصورة، في حين تداركت النصوص الخاصة الفراغ. فقد جرم مثلا قانون 7 أوت 2015 عدة أفعال ترتكب فوق الأراضي الوطنية و تكون متصلة بجرائم أكثر خطورة ترتكب بالخارج. إذ يكفي أن يتم استعمال التراب الوطني للتدريب أو الانتداب أو الإعداد للجريمة الإرهابية المرتكبة بالخارج.
كما ينسحب الاختصاص على الجرائم المركبة، أي تلك التي تتكون من عدة جرائم حين ترتكب إحداها فوق التراب الوطني. و لقد تعرض قانون 7 أوت 2015 إلى هذه الصورة في فصله 92. فبعد أن عرف الفصل غسل الأموال أضاف أن التجريم يسري و لو لم يقع ارتكاب الجرائم المتأتية منها الأموال موضوع الغسل داخل تراب الجمهورية.
و قد تتعقد مسألة تحديد مكان ارتكاب الجريمة أكثر، عندما يتفرق الركن المادي بين بلدين فأكثر. ما هو الحل إذا ارتكب الفعل الإجرامي في البلاد التونسية و حصلت النتيجة الإجرامية في بلاد أخرى. كأن يقع مثلا إجراء عملية جراحية في تونس تتسبب في تعكر الحالة الصحية لشخص أجنبي عندما يعود إلى بلاده. فهل تكون المحاكم التونسية مختصة في هذه الصورة؟
لازمت مجلة الإجراءات الجزائية، مرة أخرى، الصمت حول هذه المسألة. و لم تكن النصوص الخاصة أكثر وضوحا حولها. و يمكن تدارك النقص بإدخال تعديل على مجلة الإجراءات الجزائية يستلهم من القانون المقارن وذلك بإقرار اختصاص المحاكم التونسية حتى و إن كان عنصر من الركن المادي فقط مرتكبا بالبلاد التونسية.
و هذا ما ذهب إليه مشروع الكتاب الأول من المجلة الجزائية فكرس الفصل 11 سريان القانون التونسي على الجريمة المرتكبة كليا أو جزئيا بالإقليم التونسي. فقد جاء في الفصل المذكور أن الجريمة "تعتبر ...مرتكبة بالإقليم التونسي إذا اقترف به ركنها المادي كلا أو بعضا". و يذكر الفصل 11 من المشروع بما أقره الفصل المشرع الفرنسي في الفصل 113-2 من المجلة الجزائية الفرنسية.
ب) الصبغة الحصرية للاختصاص
إلى جانب الصبغة الموسعة فان توهج السيادة الوطنية يؤدي إلى إسناد القضاء الوطني الاختصاص الحصري للنظر في الجرائم التي ترتكب فوق الإقليم التونسي. و لم تكرس المجلة هذه القاعدة المعروفة بصفة واضحة، و لكنها نتيجة لقاعدتين أساسيتين جاءتا في المجلة. فارتكاب الجريمة فوق التراب الوطني يؤدي إلى رفض الأخذ بالتتبعات الجارية بالخارج (1) بالأحكام الأجنبية (2).
- عدم الأخذ بالتتبعات الجزائية الأجنبية
لا يمكن للتبعات الجارية بالخارج أن تؤثر على الاختصاص الجزائي الدولي للمحاكم التونسية. فعلى عكس القاضي المدني، لا يأخذ القاضي الجزائي بالإجراءات الجارية أمام المحاكم الأجنبية.
و يفسر ذلك رفض التسليم في صورة ارتكاب الجريمة بالتراب الوطني وفقا لما جاء في الفصل 312 من مجلة الإجراءات الجزائية و مختلف الاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها البلاد التونسية. فقد جاء على سبيل المثال بالفصل 29 من الاتفاقية المبرمة بين تونس و فرنسا المبرمة بتاريخ 28 جوان1972 و المتعلقة 1972 بالتعاون القضائي في المادة الجزائية و بتسليم المجرمين.
- عدم الأخذ بالأحكام الجزائية الأجنبية
حسب قاعدة متداولة و معروفة، لا يؤثر الحكم الصادر بالخارج على اختصاص المحاكم الوطنية للنظر في الجريمة المرتكبة فوق التراب الوطني. و تكرس عدة قوانين مقارنة هذه القاعدة التي تعبر عن فكرة هيمنة الدولة على إقليمها و"قدسية" السيادة الوطنية .
و لقد استقر فقه القضاء الفرنسي على هذا الحل منذ قرارين شهيرين صدرا بتاريخ 21 مارس 1862. و صدرت بعد ذلك قرارات أخرى تؤكد إقصاء الأخذ بالأحكام الجزائية الأجنبية. فيمكن للمحاكم الفرنسية، حسب فقه القضاء الفرنسي، أن تتعهد بالنظر في جريمة ارتكبت بالتراب الفرنسي، بالرغم من صدور حكم في الخارج.
و لقد عبر الفقه مرارا على تناقض هذه القاعدة مع مبدأ أساسي و هو عدم جواز الحكم مرتين على نفس الشخص من أجل نفس الفعل. وهو مبدأ جاء صريحا في الفصل 14 من العهد الدولي للحقوق السياسية و المدنية لسنة 1966 الذي صدقت علية البلاد التونسية .
أما في القانون التونسي، فالحل مختلف. إذ يؤثر الحكم الصادر بالخارج على الاختصاص بالنسبة للجريمة المرتكبة بالبلاد التونسية من طرف الأجنبي فقط، في حين لا يؤثر على الاختصاص بالنسبة للجريمة المرتكبة بالبلاد التونسية من طرف التونسي. إذ جاء في الفصل 306 من مجلة الإجراءات الجزائية انه "لا يجوز إجراء تتبع ضد الأجنبي من أجل جناية أو جنحة ارتكبها بتراب الجمهورية التونسية إذا أثبت انه اتصل بها القضاء نهائيا بالخارج و في صورة صدور الحكم عليه بالعقاب انه قضى العقاب المحكوم به عليه أو أن هذا العقاب سقط بمرور الزمن أو شمله العفو". و يبدو أن هذا الحل مقتبس من الفصل 7 من مجلة الإجراءات الجزائية القديمة لسنة 1808 و التي تم إلغاءها بصدور مجلة الإجراءات الفرنسية لسنة 1958. و كان الفصل 7 من مجلة الإجراءات لسنة 1808 يرمي للحد من إقصاء القاعدة الأساسية التي تمنع من الحكم مرتيـــن. فكرست مجلة الإجراءات الجزائية التونسية الحل ثم انتقل إلى المجلة الحالية لسنة 1968، في حين تخلى عنها المشرع الفرنسي سنة 1958.
و لإصلاح هذا الخلل ينبغي أن يكرس المشرع التونسي حلا يراعي في نفس الوقت احترام السيادة الوطنية وضمان حقوق الأشخاص. فيكون الحكم الصادر عن المحاكم الأجنبية في شان الجريمة المرتكبة بالبلاد التونسية مانعا لإجراء التتبعات و انعقاد الاختصاص ويمكن اقتراح إدخال بعض الاستثناءات على هذه القاعدة في حالات مضبوطة منها انعدام الحياد أو النزاهة في القضاء الأجنبي.
الجزء الثاني: الاختصاص القائــــــم على تجاوز الإقليمية
إلى جانب الاختصاص بالنظر في الجرائم التي ترتكب بالإقليم الوطني، يتوسع اختصاص المحاكم التونسية للنظر في الجرائم التي ارتكبت في الخارج. و يؤسس الاختصاص إما على معيار شخصي (فقرة أولى) أو على معيار موضوعي (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الاختصاص المؤسس على المعيار الشخصي
يتسع الاختصاص الجزائي للمحاكم التونسية في المادة الجزائية للنظر في الجرائم المرتكبة من طرف التونسي (أ) أو ضد التونسي (ب).
- الاختصاص الشخصي للمحاكم التونسية الايجابي
أقرت مجلة الإجراءات الجزائية اختصاص المحاكم التونسية للنظر في الجريمة التي ترتكب من طرف التونسي بالخارج في الفصل 305.
و لا زال هذا الفصل ينطبق على الجرائم ذات الصبغة الدولية، التي لا تخضع لنص خاص و منها مثلا جرائم المخدرات و الجرائم الأخلاقية و الجرائم المعلوماتية و الجرائم المتصلة بالهجرة غير النظامية.
و لا تخرج عن نطاق الفصل 305 سوى الجرائم الخاضعة لنصوص خاصة نذكر منها الفصل 14 من مجلة الطيران المدني و الفصل 83 من قانون 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الجريمة الإرهابية.
و ربما يمكن تفسير تكريس الاختصاص الشخصي الايجابي بالنسبة لهذه الجرائم بنصوص خاصة بالأهمية التي اكتستها هذه الجرائم على الصعيد الدولي. فقد كثرت في أواخر الثمانينات الجرائم المرتكبة على متن الطائرات المدنية، أما بداية القرن العشرين، فانه شهد تفاقم الجرائم الإرهابية.
و بالتأمل في النص العام و في النصوص الخاصة، يبرز جليا الاختلاف بينها.
فقد اتفقت النصوص على بعض الشروط لإقرار الاختصاص الشخصي الايجابي. إذ يمنع صدور حكم بالخارج في شأن الجريمة المرتكبة بالخارج من طرف التونسي المحاكم التونسية ببسط اختصاصها. كما يمنع قضاء العقوبة، أو سقوطها بمرور الزمن، أو صدور عفو، المحاكم التونسية من النظر في هذه الجرائم.
و لكنها اختلفت حول شروط أخرى. ففي حين يشترط الفصل 305 صراحة ازدواجية التجريم، يعني أن يكون الفعل مجرما في القانون التونسي و الأجنبي، استبعد الفصل 86 من قانون 2015 المتعلق بالإرهاب صراحة هذا الشرط. و يرمي هذا الحل الاستثنائي إلى تمكين المحاكم التونسية من محاكمة مرتكبي الجرائم الإرهابية بالرغم من غياب التجريم بالخارج. فلا يمكن للمتهمين بالجرائم الإرهابية المرتكبة بالخارج الاعتداد بغياب التجريم. و لقد أتاح هذا النص للمحاكم التونسية متابعة التونسيين الذين ارتكبوا جرائم في سوريا.
و في الوقت الراهن يعتبر الفصل 83 من قانون 2015، الأساس القانوني الذي يستند إليه القضاء لملاحقة التونسيين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم في الخارج، و خصوصا في سوريا. فلا يمكن ملاحقتهم من اجل جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لان المجلة الجنائية الحالية لا تتضمن فصولا واضحة تجرم مثل هذه الأفعال. وبالتالي لا يمكن للقاضي في الوقت الحالي سوى الاقتصار على تكييف هذه الجرائم بالإرهابية.
- الاختصاص الشخصي السلبي
إلى جانب الاختصاص الشخصي الايجابي يمتد اختصاص المحاكم التونسية إلى الجرائم التي ترتكب بالخارج ضد التونسي. ولقد أقــرت مجلة الإجراءات الجزائية في الفصل 307 مكرر هذا الحل، و اتبعتها النصوص الخاصة، و منها الفصل 55 من قانون 2003 و الفصل 83 من قانون 2015 المتعلقين بالجريمة الإرهابية.
و قد وقع نقد الاختصاص السلبي من طرف الفقه المقارن لما فيه من مغالاة. فاعتبر احدهم، معلقا على الفصل 113-7 من المجلة الجنائية الفرنسية أنه"لا يوجد ضرر للدولة عندما يقع اقتراف جريمة بالخارج ضد أحد مواطنيها "، و أنه "لا وجود لتضامن بين مصالح الدولة و مصالح المواطنين المتضررين من جريمة خارج حدودها ".
و لم يشترط الفصل 307 مكرر انعدام الحكم الأجنبي لقبول اختصاص المحاكم التونسية، ويبدو أن ذلك مجرد سهو، في حين اشترطه الفصل 86 من قانون 2015 المتعلق بالإرهاب. و يبدو جليا أن الحل الثاني يوافق المبدأ الأساسي الذي يمنع الحكم مرتين على نفس الشخص، و الذي كرسه الفصل 14 من العهد الدولي للحقوق الأساسية.
الفقرة الثانية : الاختصاص الموضوعي
يمكن أن يؤسس الاختصاص الجزائي الدولي للمحاكم التونسية على أساس موضوعي، أي بالرجوع إلى موضوع الجريمة. فيكون الاختصاص راميا لحماية المصالح الوطنية (أ) أو تحقيق التضامن الدولي (ب).
- الاختصاص الحمائي للمحاكم التونسية
تفسر فكرة السيادة الوطنية اختصاص المحاكم التونسية للنظر في الجرائم التي ترتكب بالخارج، و تكون ماسة بالمصالح الأساسية للدولة.و يعني ذلك أن اختصاص المحاكم التونسية بالرجوع إلى موضوع الجريمة، و يسمى أيضا الاختصاص الموضوعي.
و يمكن أن نعتبر أن حالات الإختصاص الموضوعي أو الإختصاص الحمائي هي "حالات تسند فيها الدولة إلى محاكمها إمكانية النظر حسب قانونها في جرائم ارتكبت في الخارج و لكنها تمس المصالح الأساسية للبلاد ".
و يقر الفصل 307 من مجلة الإجراءات الجزائية الاختصاص الحمائي. فقد جاء فيه أن " كل أجنبي يرتكب خارج تراب الجمهورية سواء بوصفه فاعلا أصليا أو مشتركا جناية أو جنحة من شأنها النيل من أمن الدولة أو يقوم بتقليد طابع الدولة أو بتدليس العملة الوطنية الرائجة يمكن تتبعه و محاكمته طبق أحكام القوانين التونسية إذا ألقي عليه القبض بالجمهورية التونسية أو تحصلت الحكومة على تسليمه ".
و يمكن إبداء بعض الملاحظات حول الفصل 307 من مجلة الإجراءات الجزائية، خصوصا لو قارناه بنصوص أخرى متعلقة بنفس المسألة من بينها الفصل 113-10 من المجلة الجزائية الفرنسية التي جاء فيها أنه " ينطبق القانون الفرنسي الجزائي على الجنايات و الجنح التي تعتبر مخلة بالمصالح الأساسية للوطن أو المتعلقة بتقليد الطابع أو تدليس العملة الرائجة والتي ارتكبت خارج تراب الجمهورية ".
يمكن توجيه نقد للفصل 307 من مجلة الإجراءات الجزائية لأنه يقتصر على ذكر الأجنبي فقط بدون التونسي ، في حين أن النصوص التشريعية في القانون المقارن لا تميز بين التونسي و الأجنبي . فمعيار الإختصاص في هذه الحالة ليس الجنسية بل المعيار موضوعي و هو نوعية الجريمة ، فلا يميز مثلا الفصل 113-10 من المجلة الجزائية الفرنسية بين الفرنسي و الأجنبي.
يشترط كذلك الفصل 307 من مجلة الإجراءات الجزائية أن يقع القبض على الجاني بتراب الجمهورية أو أن يكون موجودا بالبلاد التونسية (تحصلت تونس على تسليمه). و تحيلنا هذه الشروط إلى حالة أخرى من حالات اختصاص المحاكم للنظر في الجرائم التي تقترف خارج البلاد التونسية و هي حالات الإختصاص الكوني.
و إلى جانب الفصل 307، تقر نصوص أخرى الاختصاص الموضوعي للمحاكم التونسية. فقد أقر الفصل 83 من قانون 7 أوت المتعلق بمكافحة الإرهاب و غسل الأموال انه يمكن للمحاكم التونسية مختصة بالنظر في الجرائم الإرهابية التي ترتكب بالخارج ضد المصالح التونسية.
- الاختصاص المؤسس على فكرة التضامن الدولي : الاختصاص العالمي
يعتبر ظهور الاختصاص العالمي حديثا في القانون الجنائي الدولي. إذ يمثل الاختصاص العالمي تمديدا لسلطان المحاكم الوطنية. و بموجب هذا المعيار، يسند الإختصاص الجزائي لمحاكم الدولة التي يقع القبض فيها على الجاني، أو الدولة التي يوجد بها الجاني. و يعتبر الفقه أن " الإختصاص الكوني أو الزجر الكوني يمنح لمحاكم دولة ما الحق في النظر في بعض الجرائم عندما يقع إيقاف المتهم على إقليمها أو يوجد المتهم على إقليمها، مهما كان مكان اقتراف الجريمة و مهم كانت جنسية الفاعل و المتضرر. و تقوم حالات الإختصاص الكوني على فكرة التضامن و التعاون بين الدول لمكافحة ظاهرة الإجرام الدولية، و يكون الإختصاص في العديد من الأحيان مؤسسا على اتفاقيات دولية ".
و لقد طرح جدل فقهي حول الاختصاص العامي و مجال سريانه. فاعتبر البعض انه من الأجدر أن يكون الاختصاص الكوني محدودا و لا يتعلق سوى بالجرائم الدولية، في حين ذهب البعض الآخر إلى اعتبار انه يمكن أن يتسع الاختصاص العالمي إلى جميع أنواع الجرائم.
يقر القانون التونسي بحالات نادرة للاختصاص الكوني (1). ويمكن أن نتساءل عن إمكانية تنقيح المجلة لكي تكون متناسقة مع التزامات البلاد التونسية على المستوى الدولي (2).
- الموجود
يقر القانون التونسي بحالات نادرة للاختصاص الكوني. و جاءت مجلة الطيران المدني بصورة اولى. إذ تضمن الفصل 14 منها على حالات تقر باختصاص المحاكم التونسية للنظر في جرائم اقترفت على متن طائرات غير مسجلة بالبلاد التونسية (أي لا تعتبر جزءا من الإقليم التونسي )، ومن بين هذه الحالات ينص الفصل المذكور على " اختصاص المحاكم التونسية بالنظر في كل جريمة وقع ارتكابها على متن طائرة غير مسجلة بالبلاد التونسية... إذا نزلت الطائرة بالتراب التونسي إثر ارتكاب الجريمة...إذا كان القصد من تحويل وجهة الطائرة و كان الفاعل أو أحد المشاركين موجودا بالبلاد التونسية ".
لاتنص مجلة الطيران المدني على ذلك صراحة ، لكن يمكن إعتبار مقتضيات الفصل 14 تطبيقا لما جاءت به إتفاقية مــونــريال المؤرخة في 23 سبتمبر 1971 و المتعلقة بزجر الأعمال الغير شرعية المرتكبة ضد أمن الطيران المدني و التي صادقت عليها البلاد التونسية بمقتضى القانون عدد 82 لسنة 1981 بتاريخ 4 ديسمبر 1981.
أما الصورة الثانية، فلقد جاء بها القانون عدد 75 لسنة 2003 المتعلق بالإرهاب، إذ يقر الفصل 55 من هذا القانون "اختصاص المحاكم التونسية بالنظر في الجرائم الإرهابية التي يقع اقترافها خارج تراب الجمهورية التونسية إذا ارتكبت ضد أطراف أو مصالح أجنبية من قبل أجنبي يوجد محل إقامته المعتاد داخل التراب التونسي أو شخص وجد بالتراب التونسي ". و يقر الفصل 86 من قانون 2015 نفس الحل.
يعتبر هذا النص تطبيقا لما جاء في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية و المؤرخة في 15 نوفمبر 2000 و التي صادقت عليها البلاد التونسية بقانون 23 جويلية 2003. ويقر الفصل 15 من هذه الاتفاقية في فقرته الرابعة أنه : " تتخذ كل دولة ما يلزم من تدابير لتأكيد سريان ولايتها القضائية على الجرائم المشمولة في هذه الاتفاقية عندما يكون الجاني موجودا في إقليمها و لا تقوم بتسليمه ".
- المنشود : إمكانية تنقيح المجلة
صادقت البلاد التونسية على عدد من الاتفاقيات التي تحتوي على مقتضيات تقر بالاختصاص الكوني. و تضع هذه الاتفاقيات على كاهل الدول الأطراف عددا من الالتزامات، من بينها إدراج مقتضيات في قانونها الداخلي تقر بحالات الإختصاص الكوني أي تقر باختصاص قضاء الدولة عندما يقع إيقاف الشخص على ترابها أو عندما يكون موجودا .
و لا يمكن تطبيق هذه الاتفاقيات مباشرة، فهي تتجه للدول لا للقاضي مباشرة. و يقتضي تطبيقها من طرف القضاء أن تمر عبر التشريع الداخلي. و من بين هذه الاتفاقيات يمكن أن نذكرإتفاقية الأمم المتحدة المؤرخة في 10 ديسمبر1984 و المتعلقة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة . فقد جاء في الفصل 5 منها انه ينبغي على كل دولة من الدول الأطراف أن "تتخذ ...ما يلزم من الإجراءات لإقامة ولايتها القضائية على الجرائم المنصوص عليها بالاتفاقية في الحالات التي يكون فيها مرتكب الجريمة المزعوم موجودا في أي إقليم يخضع لولاياتها القضائية ولا تقوم بتسليمه".
وتضمنت عدة نصوص دولية نفس هذا الالتزام و منها الفصل 15 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المؤرخ في 15 نوفمبر2000 و الفصل 4 من البروتوكول الاختياري الملحق بإتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال و استغلالهم في البغاء و في المواد الإباحية المؤرخ في 25 ماي 2000 .
تقر جميع هذه الاتفاقيات بحالات للاختصاص الكوني ، و لكن تبقى هذه الحالات حبرا على ورق ، لأن المشرع التونسي لم يقم بإدخال مقتضيات تسمح بإقرار الإختصاص الكوني للمحاكم التونسية .
فلو رجعنا للقانون المقارن يمكن أن نأخذ كمثال مجلة الإجراءات الجنائية الفرنسية من خلال الفصل689-1 الذي ينص على أنه " طبقا للاتفاقيات التي تشير إليها الفصول الموالية ، يمكن للمحاكم الفرنسية أن تتبع و أن تحكم على الشخص الموجود بفرنسا و الذي ارتكب جريمة خارج التراب الفرنسي من الجرائم المنصوص عليها بهذه الفصول " .
و تلي الفصل 1-689 من المجلة الجزائية الفرنسية عدة فصول تشير إلى الاتفاقيات الدولية التي تقر بالاختصاص الكوني . مثلا يشير الفصل 2-689 إلى اتفاقية الأمم المتحدة المؤرخة في 10 ديسمبر 1984 و المتعلقة بمناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
كما يتيح إقرار الاختصاص العالمي ملائمة التشريع التونسي مع مقتضيات نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المؤرخ في 18 جويلية 1998. فاختصاص المحكمة الجنائية الدولية اختصاص تكميلي، لا ينعقد إلا إذا كانت المحاكم الوطنية غير قادرة أو غير راغبة في الاضطلاع بالقضية. مما يفترض إرساء قواعد تسمح للمحاكم التونسية بمحاكمة المتهمين بالجرائم التي يشملها نظام روما الأساسي. فإذا ارتكبت جريمة من الجرائم التي يشملها نظام روما الأساسي الجريمة من طرف أجنبي، خارج البلاد التونسية لا يمكن للمحاكم التونسية أن تتبعه سوى إن كان بإمكانها الاستناد إلى الاختصاص العالمي.
فلما لا تنقح مجلة الإجراءات الجزائية لتأخذ بالاختصاص العالمي و تواكب التطور الذي شهده اليوم القانون الجنائي الدولي.