الرياضة والتشريع في علاقة جدلية لا مفر منها فلا مجال لأي قطاع دون وضوح مسالكه وهو ما تلعب فيه التشريعات الادوار الأهم سيما في ظل تشعب المجال الرياضي و تداخل المصالح فيه بشكل يبيح الحديث عن الإغراض النفعية. واذا تعددت مجالات البحث الأكاديمي
ذات العلاقة بالرياضة فان اختصاص القانون الرياضي لا يزال في مرحلته البدائية ببلادنا وان تعدد من تم نعتهم جزافا بالخبراء في القانون الرياضي... اذ ليس من هو على اطلاع بالقوانين الفنية للاختصاصات الرياضية وفي طليعتها كرة القدم يمكن ان يرتقي الى درجة الخبير كما انه لا يجوز اعتبار من له دراية بالوساطة في ترويج اللاعبين وحذق صياغة العقود هو من الخبراء واذا كانت الحالة كذلك فان صفة الخبير يمكن ان ننمحها للكتاب العامين لفرق كرة القدم الذين بخلاف اكثر من رجل قانون نجدهم من الفالحين في صياغة العقود دون «ثغرات» ولعل ما طبع القانون الرياضي التونسي هو «التفخيخ» فالنصوص فيها الكثير من «الثقب» التي يمكن العبور من خلالها الى «التاويل» وهذه الثغرات فيها الكثير ما هو عن قصد... فهناك من شرعوا في كرة القدم بالخصوص قدموا «النص» على مقاس فرق ما وهذا من اجل توفير الحلول لقضايا ما وهذتا واقع لا يمكن ان ننكره لكن من الواجب التحسب له... فالشاطر من اتعظ.
وتفادي المطبات يقتضي تكوينا ميدانيا هذا لا نشك فيه فالحياة دربة ... لكن المطلوب ما هو اكاديمي اذ لا يعقل ان تكون برامج التتدريس في التسيير الرياضي (درجة الماجستير) خالية من التشريع الرياضي (وهذا واقع) ولا يجوز ان يكون من انفقت من اجله المجموعة العمومية المال ليكون اطارا عاليا في التسيير الرياضي غير ذي علاقة بالتشريع الرياضي الذي بقي حكرا على اهل الاختصاص في القانون بفرعيه الخاص والعام.
ولعل خريج «ماجستير التسيير الرياضي» لو عززنا معارفه في اختصاص القانون الرياضي نكون قد وفرنا النجاعة لعمله وهو اختصاص كدنا نجده في جل كليات الرياضة والتربية البدنية في العالم ولا حديث عنه عندنا وما ضرنا لو احدثنا ماجستير في قانون الرياضة في ظل الحاجة الاكيدة للرياضة لمعرفة التشريع سيما وان المشاكل تواجه المنظمات الرياضية الدولية التي نراها يوميا في محاربة الفساد والمخدرات وتعاطي المنشطات وجميع أشكال التلاعب.
وحاجتنا اليوم للقانون الرياضي كمادة تدرس اكاديميا أمام ما اصبح يتلاحق من تضارب للمصالح الاقتصادية في المجال الرياضي الذي لا يمكم ان يبقى فهمنا له سطحيا ...فالعلاقة بحياة الشعوب اصبحت وثيقة جدا من اجل منح كل ذي حق حقه وهو امر اساسه توفر القواعد القانونية الملزمة بعيدا عن جميع اشكال التاويل وهو ما يعود بنا الى حادثة الجلسة العامة لجامعة كرة القدم التي ما زالت الى يوم الناس محل نقاش وتحليل من اهل القانون الاداري الذي ذهبوا الى حد الحديث عن انتهاك حرمة القانون واستباحة هيبة الدولة سيما وان الاحكام صدرت عن محكمة تستمد شرعيتها من الدستور ولم تنتصب في سوق من الاسواق الاسبوعية للبلاد...
والزامية القانون لا يلغي التنافس الذي يقوم على قواعد تفرض الانضباط وتلزم بالاحترام وتؤمن السيطرة على الاوضاع. وما جرنا الى هذا ما يتلاحق من انفلاتات وان كانت سمة البلاد في السنوات الاخيرة «الانفلات» ومن يستعرض العضلات هو «الرابح» وهنا لا نروم الحديث عن النص «الردعي» بقدر ما نرغب في النص «التوافقي» والحالة تلك فان ترسانة النصوص الرياضية تحتاج الى التحيين مع التحسيس لمفهوم النص والروح الالزامية وفي ذلك مقاربة تربوية لاغراض الرياضة ببلادنا وهي التي قامت منذ الامر العلي الصادر منذ سنة 1921 على التربية والتكوين والترويج وهي مفاهيم كدنا نفقدها في ظل ما يتلاحق من فوضى حتى بين مجموعات الجمهور الواحد واخر العينات تتمثل في الذي حصل يوم الاحد الماضي بين انصار الترجي في مباراة ودية مع نجم الفحص لتكون
الحصيلة 22 محبا رهن الايقاف. وهنا تجدنا امام ضرورة توفر نص توضيحي للاغراض التربوية المنشودة من وراء ممارسة التربية الرياضية. وهنا قد يحيلنا البعض الى قانون 104 وهو الذي تعرض الى المفاهيم بشرح مستفيض مع الردع لكن غياب النصوص التكميلية جعل التطبيق مستعصيا. ولو ان ما نحتاجه ليس نصا ردعيا فقط فحتى التحفيز لا بد منه وهو ما يمكن ان نسد به ابوابا كثيرة... فلا سبيل للإنكار ان الرياضة هي مدرسة الحياة (والنظرية أسّس لها المنتظم الاممي من خلال برامجه التنموية التي تقوم على الرياضة وسبق ان شرحها لنا في تونس بشكل مستفيض السيد ادولف او غي الرئيس الأسبق للفيديرالية السويسرية لما جاءنا موفودا للامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان) .والامل في اصلاح التشريع الرياضي التونسي تمهد له مبادرة كلية الحقوق والعلوم
السياسية بجامعة المنار وتحديدا قسم القانون الخاص بالاشتراك مع مخبر القانون المدني ملتقى القانون والرّياضة Droit et sport ومواكبة هذا الملتقى بالتاكيد ستضمن الافادة وان كانت القاعدة تقول «trop de juridisme tue le sport». كثرة القوانين تقتل الرياضة.
إرسال تعليق