مقدمة
يبقى الهدف الرئيسي لكل مؤسسة مهما كان القطاع الذي تنشط فيه ّ و أيا كان مجال تدخلها هو تنمية ثرواتها. في الوقت الذي تفرض فيه العولمة نفسها وتزول فيه الحدود وتتنامى المنافسة وأين يجب العمل بدون انقطاع على كسب حصص جديدة في الأسواق غالبا ما يصطدم تحقيق ذلك الهدف بضعف الموارد المالية الضرورية لتنفيذ الاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق نمو الشركة. ويمثل الإدراج بالبورصة في هذا السياق فرصة حقيقية وهو يوفر مزايا أخرى عديدة لا يدركها دائما أصحاب الشركات والمساهمون. قد ينظر لعملية الإدراج بالبورصة على أنها عملية معقدة وأحيانا على أنها مكلفة أيضا و مع ذلك فهي تشكل مرحلة بالغة التأثير والأهمية في مسيرة الشركة. • لماذا تدرج الشركة أسهمها بالبورصة؟ • و متى يمكنها أن تفعل ذلك؟ و بأي سعر؟ • و بأي طريقة؟ • و من تستشير في سبيل ذلك؟ نقترح عليكم الإجابة عن كل هذه الأسئلة ضمن هذا الدليل الذي يقدم عرضا لمراحل عملية إدراج أي شركة ببورصة الأوراق المالية بتونس.
I لمــــاذا الإدراج بالبــورصــة ؟
أربع أسبــاب للإقدام علــى ذلك
تقف وراء الإدراج بالبورصة دوافع وأهداف عديدة.
1 - تعبئة الموارد المالية
ّ
يعد ّ هذا العامل أهم دافع لعملية الإدراج بالبورصة مما يجعل من البورصة مصدرا بديلا للتمويل.
ّ ويشكل اللجوء إلى السوق المالية لتعبئة موارد مالية إجابة لإحدى الفرضيتين التاليتين:
أ - الحاجة إلى موارد مالية لتنفيذ إستراتجية تنموية
ّ ّ
غالبا تحقيق طموحات الشركة عبر إنجاز مشاريع توسع كبيرة مثل اقتناء شركة أخرى أو إحداث شركة تابعة ومتكاملة يمر مع نشاطها. كما يدخل ضمن هذه الإستراتيجية كذلك تطوير الطاقات الإنتاجية للشركة أو تحسين إنتاجيتها. ومهما تكن طبيعة طموحات الشركة، فإن تحقيق مثل هذه المشاريع التنموية يتطلب أموالا لا يمكن أن تتوفر دائما للمساهمين في الشركة. وتمثل البورصة في هذه الحالة خيارا يمكن أن يكون بديلا عن القرض البنكي أو التمويل المباشر من قبل المساهمين القدامى كما يمكنه أن يكون عنصرا مكملا لهما.
ب - تقليص تداين الشركة :
ّيمك ّ ن الإدراج بالبورصة من رصد موارد لامتصاص ديون الشركة وتطهير وضعيتها المالية وبالتالي تدعم الشركة قدرتها على التداين مستقبلا
- الرغبة في تـوسيع قـاعدة المسـاهمين
توجد الكثير من الحالات: تتعلق الحالة الأولى بتواجد مساهم أو مجموعة من المساهمين يريدون التفويت في مساهمتهم في رأس مال الشركة دون أن يوجد من بين بقية المساهمين من يرغب أو باستطاعته شراء هذه الحصة من الأسهم. ولتفادي تصدع أو انحلال الشركة فإن الإدراج بالبورصة يسمح بإيجاد مستثمرين جدد مستعدين لشراء هذه الحصة من أصحابها بسعر مرجعي يحدد بالسوق. ّ ويمكن التعرض لهذه الوضعية خاصة في حالات الوراثة للشركات العائلية حين يحبذ أحد الورثة أو عدد منهم تحويل مساهمتهم إلى سيولة. وتتعلق حالة أخرى بصاحب الشركة الذي له في نفس الوقت صفة المؤسس والمساهم الرئيس والأجير بالشركة. في مثل هذه الحالة تمثل الشركة في آن واحد الثروة ومورد الرزق. ويوفر الإدراج بالبورصة لمن يكون في مرحلة متقدمة من حياته المهنية خيارا لتحويل جزء من ممتلكاته أو كلها إلى سيولة من جهة ولتأمين ديمومة أفضل لشركته بانضمام مساهمين جدد من جهة أخرى.
3 - زيادة شهرة الشركة ّ
إن إدراجالشركةبالبورصةيدعمصيتالشركةخاصةبزيادةمصداقيتهاوالثقةفيهاوتحسين صورتهاعلىالمستوىالمحليوالدولي. أن تكون شركة مدرجة بالبورصة فهذا يوفر لها حضورا إعلاميا مستمرا من خلال العناية المتواصلة التي ستلقاها لدى وسائل الإعلام لمتابعة تطور نشاطها ونتائجها. كما أن الوسطاء بالبورصة في إطار دورهم الاستشاري، سيجتهدون هم أيضا في إيصال تلك الصورة إلى حرفائهم. ويساهم هذا الحضور المتزايد والمسترسل في تعدد الفرص لجلب الاهتمام ولاستقطاب شركاء أو حرفاء جدد. ويشكل التسعير بالبورصة في هذا السياق ضمانا للمصداقية وهو يمثل بدوره من الناحية التجارية امتيازا لا يستهان به. ومن شأن تنامي الشهرة و المصداقية تيسير علاقات الشركة مع المؤسسات التي تتعامل معها يوميا من بنوك وإدارة.... كما أن مواردها البشرية ستصبح تنظر إليها على أنها أكثر صلابة وجاذبية مما يسهل انتداب إطارات عالية ويغذي حماس كل الموارد البشرية وولائها للشركة.
ّمتع بامتيــازات جبائية تفــاضلية 4 -
الت ّيمكن قيد الشركة في البورصة من التمتع بنظام جبائي خصوصي وتفاضلي. ّ إن فتح رأس المال للعموم قبل موفى شهر ديسمبر 2009 ّ يخول التخفيض ب 33 أو 40 بالمائة من نسبة الضريبة على الشركات، حيث تتحول هذه النسبة من 30 أو 35 بالمائة حسب القطاع إلى 20 بالمائة خلال الخمس سنوات الموالية للقيد بالبورصة. ّ أما بالنسبة للمساهمين القدامى فتتمتع مداخيلهم المتأتية من التفويت في الأسهم في إطار عملية الإدراج بالإعفاء التام من الضرائب. 4II المزايــا الأخرى التــي يوفرها الإدراج بالبــورصــة
بجانب هذه الأهداف والدوافع الأساسية لعملية الإدراج هناك مزايا أخرى لا تقل أهمية يتعين الإشارة إليها.
1 - وسيلة لتعبئة الموظفين وتشريكهم في ضمان حسن سير الشركة
فالإدراج بالبورصة في مرحلة أولى وتطور سعر السهم بعد ذلك يمثلان قاسما مشتركا بين المسيرين وكافة الموارد البشرية للمؤسسة.2 - اعتماد نظام حاكمية المؤسسات
بفرضه على الشركة عددا من الضوابط يمثل الإدراج بالبورصة فرصة لوضع وتنفيذ سياسة تسيير سليمة وتصرف شفاف في الحسابات المالية. وتتطلب هذه الشفافية بالخصوص القيام بمجهود مضاعف في مجال الإفصاح المالي في اتجاه المستثمرين و المساهمين و كل المهتمين بالشركة. ويجب أن يترجم نظام الحاكمية في قواعد داخلية للعمل وللرقابة وعبر تنمية مهنية هياكل التسيير والرقابة : كل هذه ّ التحولات الإيجابية لا يمكن إلا أن تدعم متانة المؤسسة وصلابتها.III ما هــي الشــروط المطلــوبة للإدراج بالبــورصــة ؟ ّ
يتعين على الشركةالمرشحةل لإدراج بالبورصةاختيار السـوق الذي تـريد دخوله. ّ وتتضمن البورصة سوقين لسندات رأس المال: ّ سوق رئيسية وسوق بـديلة مخصصة للشركات الصغرى و المتوسطة. ّ ويتطلب الإدراج بأحدهذه الأسـواق أ نتتوفر في الشركة الشروط التـالية:1 - ّ شـروط الإدراج المشتـركة بالسـوق الر ئيسية والسـوق البـديلة •
نشر القوائم المالية السنوية للشركة بالنسبة للسنتين الأخيرتين مصادق عليها، مع إمكانية استثناء بالنسبة للشركات التي يقل نشاطها عن سنتين.توزيع نسبة لا تقل عن 10 بالمائة من رأس مال الشركة على العموم ويمكن منح استثناء إذا تعلق التوزيع بمبلغ يساوي أو يفوق مليون دينار. •
تقديم تقرير في قيم أصول الشركة. • توفير تنظيم مناسب وهياكل رقابة داخلية و هياكل رقابة للتصرف •
تقديرات أنشطة الشركة لمدة خمس سنوات مرفقة برأي مدقق الحسابات
• نشرة إدراج بالبورصة مؤشر عليها من قبل هيئة السوق المالية. ويجب أن يتضمن مطلب الإدراج بالبورصة إلى جانب الوثائق القانونية والمالية والإدارية التي تثبت احترام شروط الإدراج التي سبق ذكرها تعهدا من قبل الشركة المرشحة للإدراج بالبورصة بأن تضع على ذمة السوق بصفة مستمرة كل معلومات تعنيها يمكن أن تأثر على سيرها وبالتالي على أسعار أسهمها في البورصة. وكحد أدنى تلتزم الشركة بنشر المعلومات التالية للعموم :
• القوائم المالية النصف السنوية والسنوية،
• مؤشرات ربع سنوية حول نشاطها.
- الشــروط الخــاصة ّ الســوق الرئسية و البديلة
تسجيل الشركة أرباحا خلال السنتين الأخيرتين. ولا يطلب توفير هذا الشرط إذا تم إدراج الشركة وفق طريقة القيد المباشر إثر عملية ترفيع في رأس المال لا يشترط تسجيل أربـاح. توزيع الأسهم بين العموم* على 200 مساهم على الأقل وذلك في تاريخ القيد. توزيع الأسهم بين العموم* على 100 مساهم على الأقل أو 5 مساهمين مؤسساتيين وذلك في تاريخ القيد. توفير رأس مال أدنى بقيمة 3 مليون دينار في تاريخ القيد. لا يشترط رأس مـال أدنى. - يمكن طلب الإدراج من قبل ّ شركة يمتلك رأس مالها مستثمرين مؤسساتيين بنسبة لا تقل عن 20 بالمائة وذلك منذ أكثر من سنة, -يمكن طلب الإدراج من قبل شركة في طور التأسيس عن طريق الاكتتاب العام (في إطار إحداث مشاريع كبرى).في ّ هذه الحالة يتم ّ إدراج الشركة مباشرة بالس ّ وق البديلة بعد موافقة هيئة السوق المالية. - تقديم شهادة عن طريق المؤسسة الراعية تثبت قيامها بالعنايات المستوجبة منها في إطار عملية الإدراج. - ّ
تعيين الشركة لمؤسسة راعية طوال مد ّ ة بقاء أسهمها بالس ّ وق البديلة ويجب أن لا تقل ّ هذه المدة الممنوحة عن سنتين. *يقصد بالعموم المساهمون الذين يمتلكون فرادى نسبة أقصاها 5,0 بالمائة من رأس المال بالنسبة لغير المؤسساتيين ونسبة أقصاها 5 بالمائة بالنسبة للمستثمرين المؤسساتيين.
IV مـا هي طرق القيد بالبــورصــة؟ ّ
تستدعي عملية الإدراج بالبورصة أن تستجيب الشركة لكاف ّ ة شروط الإدراج بالس ّ وق الذي تريد الد ّ خول إليه وخاصة الشرط ّ المتعلق بالأسهم التي ستوزع بين العموم. ّ وتتم عملية الإدراج على مرحلتين متتاليتين:(1 (ّ توزيع الأسهم اص ّ صة للسوق و تنظيم وتأمين أول تسعير حسب أربع صيغ.
- طـرق تــوزيع الأسهـم :
يمكن استعمال إحدى الطريقتين لتوظيف الأسهم:• التوظيف المضمون للأسهم لدى مساهمين مؤسساتيين.
يعمل الوسيط القائم بالتنسيق على تجميع الأوامر وتوزيعها. • ّ توظيف أوسع ومتنوع بين العموم. تتولى البورصة تجميع أوامر الشراء وتعتمد في توزيعها على مقاييس يعلن عنها ّ مسبقا. ّ تتم عملية التوظيف عن طريق البنوك والوسطاء بالبورصة بإحدى الصيغ الأربع التالية: ّ
القيد المباشر،
العرض بسعر أدنى،
العرض العمومي بسعر محدد
العرض العمومي بسعر مفتـوح
إجراءات أول تداول :
1 - القيد المـباشر: ّ
يتم ذلك عن طريق تسجيل أسهم الشركة مباشرة في تسعيرة البورصة. ّ وتعتمد هذه الطريقة عندما تتوفر كل شروط الإدراج في الشركة. ّ ويمكن طلب اعتماد إجراء القيد المباشر بالسوق البديلة عندما يكون رأس مال الشركة ممسوكا منذ أكثر من سنة بنسبة لا ّ تقل عن 20 بالمائة من قبل مستثمرين مؤسساتيين اثنين على الأقل.
2 - ّ العـرض العمـومي بسعر محـدد: ّ
يتم التفويت في كامل أو جزء من رأس مال الشركة للعموم في تاريخ القيد بسعر يضبطه المساهمون البائعون.
3 - العـرض العمـومي بسعر مفتـوح: ّ
تتمثل هذه الطريقة في وضع كم ّ ية من الأسهم على ذمة العموم مع تحديد هامش أسعار. ويرتبط عادة إجراء العرض ّ العمومي بسعر محدد بتوظيف مضمون. ّ ويتم ّ تحديد سعر القيد النهائي بالاعتماد على كمية الأسهم المطلوبة مع اعتبار السعر النهائي للتوظيف المضمون.
4 - العـرض بسعـر أدنى: ّ ّ
تقترب هذه الطريقة من تقنية المزاد. ّ فهي تمك ّ ن مساهمي الشركة من وضع كمية من الأسهم تحت تصر ّ بسعر أدنى يحددونه. وتقوم البورصة بتجميع أوامر الشراء التي يقدمها المستثمرون وتتولى بعد معاينة وتحليل اتجاه الطلب ّ تحديد سعر موح ّ د ليشكل سعر القيد والسعر المعتمد لتنفيذ أوامر الشراء.
V من هم المتدخــلون فـي عملية إدراج الشركـة بالبــورصـة ؟ ّ
تستدعي عملية الإدراج بالبورصة تدخ ّ ل عدة مهنيين وخبراء ماليين في مختلف مراحلها:
إرسال تعليق