الخطأ لغة ارتكاب ذنب بغير تعمد. وهو أيضا نقص في جهاز او طريق او اجراء يؤثر على صدق النتائج. ويقارب في معنى الخطأ الغلط وهو الجهل بوجه الصواب في أمر من الأمور ومن المعاني القريبة أيضا الهفوة وهي خطأ نتيجة التسرع وعدم التثبت اذ ان اصل الفعل هفا اي اسرع. ومن المعاني القريبة ايضا الزلة وهي السقطة والخطيئة.
وردت جميع الالفاظ السابقة، عدى الزلة، كمرادفة للخطأ في فقه القضاء المدني. والاخطاء عديدة متنوعة منها ما يتعلق بالاحكام وتطبيق القانون ومنها ما ينسب للاطراف في العقد او في القضية.
وسنقتصر على وصف الخطأ بحسب ما جاء في فقه القضاء المدني بحسب تدرج خطورة الخطأ والآثار المنجرة عنه.
والخطأ قانونا وفقها وقضاء ما جاء في الفصل 83 من المجلة المدنية
مدني عدد 16688 مؤرخ فى 05/03/1987 – مفهوم الخطأ في جنحة القتل خطأ وهو الناجم عن عدم مراعاة التراتيب حسبما نص على ذلك بالفصل 98 من مجلة الطرقات لا يخرج عن مفهوم الخطأ في شبه الجنحة المدنية الذي جاء به الفصل 83 من مجلة الالتزامات و العقود وهو ترك ما وجب فعله أو فعل ما وجب تركه بغير قصد الضرر.
وينعت فقه القضاء الخطأ بمختلف النعوت فهو أحيانا خطأ مقصودا
مدني عدد 5836 مؤرخ فى 22/12/2000 لا تشترط احكام الفصل 92 من م. إ. ع ان يكون مرتكب الاعمال المحظورة سيء النية او انه ارتكبها عن خطأ مقصود، وانما يكفي ان يصدر فعله عن اهمال او انحراف عن السلوك المألوف للتاجر العادي يتسبب في ضرر الغير.
وهو ذاك الخطأ الذي يسأل عنه الوكيل الناتج عنه خسارة بالموكل.
مدني عدد 22165 مؤرخ فى 15/04/2003 ان الوكيل لا يكون مسؤولا عن اعماله تجاه الموكل الا في حالة ارتكابه خطأ مقصودا ادى الى الحاق خسارة بالموكل بسبب ذلك التقصير كما ان مسؤولية الوكيل المأجور تختلف عن الوكيل غير المأجور.
وهو أحيانا خطأ فادحا كذلك سرقة المؤجر لأجيره او استعماله لأموال اؤتمن عليها لفائدته الشخصية او فائدة الغير ولا يعتبر خطأ فادحا مجرد الاحتفاظ بأوراق المحاسبة للدفاع عن النفس ومجابهة المؤجر او زميله الجديد وقد غابت عن هذه الاعمال كل نية في الاضرار بالمؤجر ولم ينجر عنها ضرر
مدني عدد 6148 مؤرخ فى 13/04/2001 – يعتبر خطأ فادحا موجبا للطرد السرقة او استعمال العامل لمصلحته الخاصة او مصلحة الغير الاموال او القيم او الاشياء التى اؤتمن عليها بمبوجب عمل. – احتفاظ المعقب ضده بوثائق المحاسبة التى حررها مع من حل محله في تلك الخطة قصد مجابهة المؤجرة او زميله الجديد دون ان يكون قصد الاضرار بالمؤجرة و دون حصول ضرر لها لا يعد من قبيل الخطأ الفادح
ومن الأخطاء الفادحة ايضا اعتداء العامل على رئيسه في العمل بأية وسيلة كانت كالضرب والسب والشتم
مدني عدد 6865 مؤرخ فى 02/03/2001 – لا خلاف في ان اعتداء العامل على رئيسه اثناء العمل بأية وسيلة من الوسائل كالسب او الشتم او الثلب او التهديد او العنف كما ان الاضرار بأملاك المؤسسة او العمل او التقصير المتعمد الذى من شأنه ان يلحق ضررا بمكاسبها او التخفيض في نوعيه الانتاج الناجم عن سوء استعداد ظاهر كل منها تعتبر هفوة فادحة تبرر لوحدها الطرد
ومن الاخطاء الفادحة قيام العامل بمغازلة فتيات المعهد الذي يعمل به
مدني عدد 41509 مؤرخ فى 25/11/1996 إن توجيه رسالتين إلى إحدى فتيات المعهد تضمنتا مغازلة صريحة وكلمات تحمل في طياتها مقاصد منافية للأخلاق الحميدة يمثل خطأ فادحا من جانب العامل خاصة وأن ما صدر عنه كان في مؤسسة تربوية تعمل على السهر على رفع المستوى الأخلاقي لدى الناشئة وليس العكس.
أو غيابه عن مقر العمل بدون ترخيص
مدني عدد 4959 مؤرخ فى 22/12/2000 طالما ثبت ارتكاب المعقب ضده للخطأ الفادح المتمثل في الغياب غير المرخص فيه بناء على سكوته على ما جاء بالاعلام، فان قضاء محكمة الحكم المنتقد له بأجرته المستحقة عن الفترة السابقة لارتكابه تلك الهفوة يعد في طريقه واقعا وقانونا، لكن قضاءها له بمنحة الراحة الخالصة التي لم يتمتع بها رغم ارتكابه للهفوة الفادحة المنسوبة له يعد مخالفة للفصل 120 من م.ش.
وقد تعادل المحكمة بين الخطأ الفادح والخطأ الجسيم الذي من شانه ان ينفي مسؤولية الادارة ويترك كامل المسؤولية على كاهل الموظف
مدني عدد 41729 مؤرخ فى 08/10/1996 يتضح من الفقرة الثانية من الفصل 49 من القانون عدد 70 لسنة 1982 المؤرخ في 6 أوت 1982 أن الإدارة هي التي تتحمل ما قد يصدر عن عون من أعوان قوات الأمن الداخلي من أحكام بغرم الضرر وذلك من أجل إرتكابه خطأ غير فادح أي أن الخطأ الجسيم والفادح تلقى مسؤوليته على عاتق مرتكبه.
ومن آثار الخطأ الجسيم أيضا ان لا تأثير لشرط تحديد المسؤولية في صورة وقوعه
مدني عدد 8469 مؤرخ فى 19/05/2005 – ان عدم تعرض رسالة النقل الى سعر البضاعة صراحة يجعل شرط تحديد المسؤولية ناقصا. لا عمل بتحديد المسؤولية اذا كان التلف او النقص في البضاعة حاصلا بسبب خطأ جسيم من الناقل أو اعوانه.
ومن صفات الخطأ الجسيم انه ينم عن نزعة شريرة القصد منه النكاية والمشاكسة يتساوى معها الخطأ مع الغش.
مدني عدد 1702 مؤرخ فى 28/01/1963 – حق الدفاع هو حق مشروع لكل مدعى عليه ولا يستوجب المساءلة المدنية الا اذا ثبت التعسف في استعماله و ذلك بالتغالي فيه او التحايل به ابتغاء المضرة او ارتكازه على خطأ جسيم يمكن اعتباره موازيا للغش او من انطوائه على مقاومة عنيده خالية من كل حق او شبهة حق. -كما ان لاتجاء الى طرق الطعن في حدودها القانونية حق مشروع لكل محكوم عليه ولا يكون عسفا موجبا للتعويض الا اذا رفع عن سوء نية او للنكاية او لاغراض غير جدية.
مدني عدد 5876 مؤرخ فى 04/03/1969 – يكون غير قائم على أساس من القانون القرار القاضي بالتغريم من أجل التعسف في الاستئناف دون أن يستظهر ان استعمال المستأنف حقه كان وليد نزعة شريرة او كان القصد منه النكاية او كان ذلك مبنيا على خطأ جسيم يتساوى والغش.
مدني عدد 9245 مؤرخ فى 12/11/1973 – حق التشكي مشروع لكل شخص و مستعمله لا يسأل اذا أخفق إلا إذا كان إستعمال ذلك الحق وليد نزعة شريرة و كان القصد منه النكاية او الرغبة في المشاكسة او كان مبنيا على خطأ جسيم يتساوى مع الغش و تقدير تلك العناصر راجع لاجتهاد المحكمة .
ويفقد الخطأ صفته كخطأ فادح اذا انتفى ما يفيد تكراره وبدا من مرتكبه اخلاص وتفان في العمل
مدني عدد 6086 مؤرخ فى 08/06/1981 – ان قيام الاجير بعرض ملابس خاصة به للبيع بالمتجر الذى على ملك مؤجر وان كان خطأ الا انه ليس فادحا لعدم وجود ما يفيد تكراره و بالنظر لاقدمية المعنى بالامر ونزاهته واخلاصه في القيام بعمله مما بوءه للحصول على وسام الشغل وبذلك فان عقوبة الطرد المتخذة ضده تعتبر غير مناسبة مما يتجه معه اعتبار الطرد تعسفيا.
ولئن كان الخطأ الفادح آثارا قانونية ان ثبت وجوده فانه ليس أشد الاخطاء او أثقلها فيعلوه مرتبة في الاخطاء ما يوصف بالخطأ الغير المغتفر المنصوص عليه بالفصل 30 من المجلة الشغلية
مدني عدد 5844 مؤرخ فى 28/03/1968 – ان الخطأ الغير المغتفر نص عليه الفصل 80 من مجلة فواجع الشغل هو الخطأ المستنتج بصفة قطعية من تهاون المستأجر بحياة أجيره وذلك بعرضه لخطر محقق دون أن يتخذ الحيطة الضرورية لدرء هذه الخطر وذلك حسب طبيعة العمل المنوط بعهدة الاجير.
وفي مثل خطورة الخطأ الفادح والجسيم والغير مغتفر الخطأ الفاحش الذي عرفته محكمة التعقيب بانهذاك الذي يترتب عنه ضرر فادح مباشر للمؤسسة.
مدني عدد 9198 مؤرخ فى 23/10/1984 الخطأ الفاحش هو الذي يترتب عليه ضرر فادح لمؤسسة ينجم عن ذلك مباشرة.
مدني عدد 14791 مؤرخ فى 29/10/1987 تغيب العامل بدون استرخاص من مؤجره لا يعتبر من قبيل الخطأ الفاحش الموجب للطرد.
مدني عدد 17506 مؤرخ فى 27/10/1992 يؤخذ من الفصل 85 من مجلة الحقوق العينية أنّ الخطأ الذي يرتكبه الموظف أو المستخدم أثناء عمله إذا كان غير فاحش فان الدولة هي التي تتحمل به وهي المسؤولة عن تعويض الضرر الناجم عنه.
وبعيدا عن خطورة الاخطاء الفاحشة والفادحة والجسيمة والتي لا تغتفر يصف فقه القضاء ايضا أخطاء أخرى بالبسيطة التي لا تبرر الطرد فقد رات محكمة التعقيب ان الاعتداء على المدير يعتبر من الاخطاء البسيطة ان كان هذا الاعتداء نتيجة استفزاز من المدير
مدني عدد 282 مؤرخ فى 05/02/1977 – لئن كان الطرد جائزا كعقوبة تأديبية في حالات معينة الا انه يجب أن يتناسب والخطأ المرتكب فلا يجوز معاقبة عامل بأقصى مراتب الجزاء (أي الطرد) من أجل خطأ بسيط كإعتدائه في قضية الحال على المدير بإستفزاز من هذا الأخير الذي خصم مبلغ دينار من مرتبه دون اذنه.
وفي باب آخر وتطبيقا للفصل 720 الذي يسمح بتعويض الفارق بين الاشياء ذات القيم المختلفة بمبلغ من النقود فقد رات محكمة التعقيب ان لا مانع من ايكال امر تقدير المعدل للغير على انه لا يمكن الطعن في قرار الغير المكلف الذي يعتبر وكيلا عن الطرفين الا في صورة وقوعه في الخطأ الواضح وهو وصف جديد للخطأ
مدني صادر عن الدوائر المجتمعة عدد 2115 مؤرخ فى 09/12/1963 – اذا كان للاشياء المتعاوض عليها قيم مختلفة جاز تعويض الفرق بمبلغ من النقود ( الفصل 720 من القانون التونسي و الفصل 621 من القانون المراكشي و الفصل 501 من القانون اللبناني و الفصل 483 من القانون المصريى الجديد). – يجب قبل كل شىء الا يكون هذا المعدل هو العنصر الغالب والا انقلب العقد بيعا. – لا يتصور الثمن الا في عقود البيع و على هذا الاساس فان القواعد الخاصة بالثمن في مادة البيع لا ينطبق على المعدل. – لا يمنع الفصل 720 من القانون التونسي المتعلق بالمعدل ايكال تقديره للغير. – وهذا الغير لا يعتبر قانونا محكما لان التحكيم يفترض قيام نزاع على حقوق وجدت بالفعل. و لا يمكن اعتباره خبيرا لان رأى الخبير هو استشاري و غير ملزم للمتعاقدين في حين ان ما يعينه يكون ملزما لهما. – فمركزه القانونى هو في الحقيقة مركز الوكيل عن المتعاقدين. – و ما يقرره يكون نهائيا و لا يجوز الطعن في رايه الا اذا ارتكب خطأ واضحا او تجاوز حدود مهنته. – واذا لم يتمم تلك المهمة فلا ينعقد العقد.
مختلف النعوت يوصف بها الخطأ من فادح و فاحش وجسيم ولا يغتفر وواضح وبسيط ومن الاخطاء ما يقارب الغش ويوازيه. كما ان فقه القضاء ولئن حاول تبريروصفه للخطأ وتمييز الخطأ الجسيم من الخطأ الفاحش والفادح والذي لا يغتفر فان النعوت بقيت عامة وغير دقيقة وكثيرا ما تتساوى في وصف خطورة الخطأ او الفعلة المرتكبة او بساطتها.
بقلم محمد علي التقرتي
إرسال تعليق